محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَٰهَا وَٱبۡنَهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (91)

وقوله تعالى :

{ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } .

{ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي اذكر نبأ التي أحصنته إحصانا كليا ، عن الحلال والحرام جميعا . كما قالت : { ولم يمسسني بشر } والتعبير عنها بالموصول ، لتفخيم شأنها وتنزيهها عما زعموه في حقها ، بادئ بدء : { فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا } أي نفخنا الروح في عيسى فيها . أي أحييناه في جوفها . فنزل نفخ الروح في عيسى ، لكونه في جوف مريم ، منزلة نفخ الروح فيها . ونفخ الروح في الجسد عبارة عن إحيائه .

وقيل : المعنى فعلنا النفخ فيها من جهة روحنا جبريل عليه السلام ، أي أمرناه فنفخ . أو فنفخنا فيها بعض روحنا ، أي بعض الأرواح المخلوقة لنا . وذلك البعض هو روح عيسى ، لأنها وصلت في الهواء الذي نفخه في رحمها { وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا } أي نبأهما { آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } أي في كمال قدرته واختصاصه من شاء بما شاء . وقد كان من آيتهما إتيان الرزق لمريم في غير أوانه . وتثمير النخل اليابس . وإجراء العين ، ونطق ابنها في المهد . وإحياء الموتى . وإبراء الأكمة والأبرص .

قال الزمخشري : فإن قلت : هلا قيل ( آيتين ) كما قال : { وجعلنا الليل والنهار آيتين } ؟ قلت : لأن حالهما بمجموعهما آية واحدة . وهي ولادتها إياه من غير فحل . انتهى . وقيل : المعنى وجعلناها آية وابنها آية . فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها .