فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَٰهَا وَٱبۡنَهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (91)

{ والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ( 91 ) إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ( 92 ) وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون ( 93 ) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون ( 94 ) وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ( 95 ) حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ( 96 ) واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ( 97 ) } .

{ و } اذكر خبر { التي أحصنت فرجها } وهي مريم فإنها أحصنت فرجها من الحلال والحرام ولم يمسسها بشر ؛ وإنما ذكرها مع الأنبياء وإن لم تكن منهم لأجل ذكر عيسى ، وما في ذكر قصتها من الآية الباهرة ، ومعنى أحصنت عفت فامتنعت من الفاحشة وغيرها .

وقيل المراد بالفرج جيب القميص ، أي أنها طاهرة الأثواب ، وقد مضى بيان مثل هذا في سورة النساء ومريم .

{ فنفخنا فيها من روحنا } أضاف سبحانه الروح إليه وهو للملك تشريفا وتعظيما ، وهو يريد روح عيسى . وقيل المراد بالروح جبريل ؛ أي أمرناه فنفخ في جيب درعها فحملت بعيسى .

{ وجعلناها وابنها آية للعالمين } قال الزجاج : الآية فيهما واحدة لأنها ولدته من غير فحل . وقيل إن التقدير على مذهب سيبويه وجعلناها آية وجعلنا ابنها آية ، كقوله تعالى : { والله ورسوله أحق أن يرضوه } والمعنى أن الله سبحانه جعل قصتهما آية تامة مع تكاثر آيات كل واحد منهما ، وقيل أراد بالآية الجنس الشامل لكل واحد منهما من الآيات . ثم لما ذكر سبحانه الأنبياء بين أنهم كلهم مجتمعون على التوحيد فقال :