المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلذَّـٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا} (1)

مقدمة السورة:

بدأت السورة بالقسم على صدق البعث ووقوع الجزاء ، ثم أردفت بقسم آخر على اضطراب المنكرين فيما يقولونه عن رسول الله ، وعن القرآن الكريم ، ثم انتقلت إلى إنذار المنكرين بسوء مآلهم في الآخرة ، وإلى تصوير ما أعد للمتقين فيها من جزاء ما قدموا من أعمال صالحة في الدنيا . ثم نبهت إلى تأمل آيات الله في الكون وفي الأنفس ، وما أودع فيهما من عجائب الصنع ولطائف الخلق .

وتحدثت عن قصة إبراهيم مع ضيفه من الملائكة ثم عرضت لأحوال بعض الأمم ، وما أصابهم من الهلاك بتكذيبهم لأنبيائهم ثم أشارت بإجمال إلى بعض الآيات الكونية ، وحثت على الرجوع إلى الله ، وإفراده بالعبادة التي هي الغاية من خلق الجن والإنس وختمت بإنذار من كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذاب مثل العذاب الذي أصاب الأمم قبلهم .

1 - أقسم بالرياح المثيرات للسحاب ، تدفعها دفعاً ، فالحاملات منها ثقلاً عظيماً من الماء ، فالجاريات به مُيَسرة بتسخير الله ، فالمقسمات رزقاً يسوقه الله إلى من يشاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلذَّـٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الذاريات مكية

{ 1-6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ }

هذا قسم من الله الصادق في قيله ، بهذه المخلوقات العظيمة التي جعل الله فيها من المصالح والمنافع ، ما جعل على أن وعده صدق ، وأن الدين الذي هو يوم الجزاء والمحاسبة على الأعمال ، لواقع لا محالة ، ما له من دافع ، فإذا أخبر به الصادق العظيم وأقسم عليه ، وأقام الأدلة والبراهين عليه ، فلم يكذب به المكذبون ، ويعرض عن العمل له العاملون .

والمراد بالذاريات : هي الرياح التي تذروا ، في هبوبها { ذَرْوًا } بلينها ، ولطفها ، ولطفها وقوتها ، وإزعاجها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلذَّـٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالذّارِيَاتِ ذَرْواً * فَالْحَامِلاَتِ وِقْراً * فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً * فَالْمُقَسّمَاتِ أَمْراً * إِنّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنّ الدّينَ لَوَاقِعٌ } .

يقول تعالى ذكره وَالذّارِياتِ ذَرْوا يقول : والرياح التي تذرو التراب ذروا ، يقال : ذرت الريح التراب وأذرت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا هنّاد بن السّريّ ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عُرعرة ، قال : قام رجل إلى عليّ رضي الله عنه ، فقال : ما الذاريات ذروا ، فقال : هي الريح .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سِماك ، قال : سمعت خالد بن عرعرة ، قال : سمعت عليا رضي الله عنه وقد خرج إلى الرحْبة ، وعليه بُرْدان ، فقالوا : لو أن رجلاً سأل وسمع القوم ، قال : فقام ابن الكوّاء ، فقال : ما الذاريات ذَرْوا ؟ فقال : هي الرياح .

حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد الهلالي ومحمد بن بشار ، قالا : حدثنا محمد بن خالد بن عثمة ، قال : حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي ، قال : حدثنا أبو الحويرث ، عن محمد بن جُبَير بن مطعم ، أخبره ، قال : سمعت عليا رضي الله عنه يخطب الناس ، فقام عبد الله بن الكوّاء ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى : وَالذّارِياتِ ذَرْوا قال : هي الرياح .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، قال : سُئل عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، عن الذاريات ذَرْوا ، فقال : الريح .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطّفيل ، عن عليّ وَالذّارِياتِ ذَرْوا قال : الريح .

قال : مهران ، حُدّثنا عن سماك ، عن خالد بن عرعرة ، قال : سألت عليا رضي الله عنه عن وَالذّارِياتِ ذَرْوا فقال : الريح .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بَزّة ، قال : سمعت أبا الطفيل ، قال : سمعت عليا رضي الله عنه عنه يقول : لا تسألوني عن كتاب ناطق ، ولا سنة ماضية ، إلا حدّثتكم ، فسأله ابن الكوّاء عن الذاريات ، فقال : هي الرياح .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا طلق ، عن زائدة ، عن عاصم ، عن عليّ بن ربيعة ، قال : سأل ابن الكوّاء عليا رضي الله عنه ، فقال : وَالذّارِياتِ ذَرْوا قال : هي الريح .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن عبد الله بن رفيع ، عن أبي الطفيل ، قال : قال ابن الكوّاء لعلي رضي الله عنه : ما الذاريات ذَرْوا ؟ قال : الريح .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني يحيى بن أيوب ، عن أبي صخرة ، عن أبي معاوية البجليّ ، عن أبي الصهباء البكريّ ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : وهو على المنبر لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلا أخبرته ، فقام ابن الكوّاء ، وأراد أن يسأله عما سأل عنه صبيغٌ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال : ما الذاريات ذروا ؟ قال عليّ : الرياح .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، أن رجلاً سأل عليا عن الذاريات ، فقال : هي الرياح .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن وهب بن عبد الله ، عن أبي الطفيل ، قال سأل ابن الكوّاء عليا ، فقال : ما الذاريات ذروا ؟ قال : الرياح .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَالذّارِياتِ ذَرْوا قال : كان ابن عباس يقول : هي الرياح .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَالذّارِياتِ قال : الرياح .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلذَّـٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا} (1)

مقدمة السورة:

( 51 ) سورة الذاريات مكية

وآياتها ستون

هذه السورة مكية بإجماع من المفسرين .

أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات تنبيهاً عليها وتشريفاً لها ودلالة على الاعتبار فيها حتى يصير الناظر فيها إلى توحيد الله تعالى .

{ والذاريات } الرياح بإجماع من المتأولين ، يقال : ذرت الريح وأذرت بمعنى{[10578]} : وفي الرياح معتبر من شدتها حيناً ، ولينها حيناً وكونها مرة رحمة ومرة عذاباً إلى غير ذلك .

و { ذرواً } نصب على المصدر .


[10578]:ولكن قال الزجاج: يقال: ذرت فهي ذارية، وأذرت فهي مُذرية.