المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

52- قال المبعوثون من القبور : يا هول ما ينتظرنا ، من أيقظنا من نومنا ؟ ويحضرهم جواب سؤالهم : هذا يوم البعث الذي وعد الرحمن به عباده ، وصدق المرسلون فيما أخبروا عنه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

وفي تلك الحال ، يحزن المكذبون ، ويظهرون الحسرة والندم ، ويقولون : { يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا } أي : من رقدتنا في القبور ، لأنه ورد في بعض الأحاديث ، أن لأهل القبور رقدة قبيل النفخ في الصور ، فيجابون ، فيقال [ لهم : ] { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } أي : هذا الذي وعدكم اللّه به ، ووعدتكم به الرسل ، فظهر صدقهم رَأْيَ عين .

ولا تحسب أن ذكر الرحمن في هذا الموضع ، لمجرد الخبر عن وعده ، وإنما ذلك للإخبار بأنه في ذلك اليوم العظيم ، سيرون من رحمته ما لا يخطر على الظنون ، ولا حسب به الحاسبون ، كقوله : { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } { وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ } ونحو ذلك ، مما يذكر اسمه الرحمن ، في هذا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

وقوله : قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا ما وَعَدَ الرّحْمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ يقول تعالى ذكره : قال هؤلاء المشركون لما نُفخ في الصور نفخة البعث لموقف القيامة فردّت أرواحهم إلى أجسامهم ، وذلك بعد نومة ناموها : يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا وقد قيل : إن ذلك نومة بين النفختين . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن خيثمة ، عن الحسن ، عن أُبيّ بن كعب ، في قوله : يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا قال : ناموا نومة قبل البعث .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن رجل يقال له خيثمة في قوله : يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا قال : ينامون نومة قبل البعث .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا قول أهل الضلالة . والرّقدة : ما بين النفختين .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا قال : الكافرون يقولونه .

ويعني بقوله : مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا من أيقظنا من منامنا ، وهو من قولهم : بعث فلان ناقته فانبعثت ، إذا أثارها فثارت . وقد ذُكر أن ذلك في قراءة ابن مسعود : «مَنْ أهَبّنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا » . وفي قوله : هَذَا وجهان : أحدهما : أن تكون إشارة إلى «ما » ، ويكون ذلك كلاما مبتدأ بعد تناهي الخبر الأوّل بقوله : مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا فتكون «ما » حينئذٍ مرفوعة بهذا ، ويكون معنى الكلام : هذا وعد الرحمن وصدق المرسلون . والوجه الاَخر : أن تكون من صفة المرقد ، وتكون خفضا وردّا على المرقد ، وعند تمام الخبر عن الأوّل ، فيكون معنى الكلام : من بعثنا من مرقدنا هذا ، ثم يبتدىء الكلام فيقال : ما وعدَ الرحمن ، بمعنى : بعثكم وعد الرحمن ، فتكون «ما » حينئذٍ رفعا على هذا المعنى .

وقد اختلف أهل التأويل في الذي يقول حينئذٍ : هذا ما وعد الرحمن ، فقال بعضهم : يقول ذلك أهل الإيمان بالله . ذكر من قال ذلك :

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : هَذَا ما وَعَدَ الرّحمَنُ مما سرّ المؤمنون يقولون هذا حين البعث .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : هَذَا ما وَعَدَ الرّحمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ قال : قال أهل الهدى : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون .

وقال آخرون : بل كلا القولين ، أعني يا وَيْلَنا مَنْ بَعثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا ما وَعَدَ الرّحْمَنُ وَصَدَق المُرْسَلُونَ من قول الكفار . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنا ثم قال بعضهم لبعض : هَذَا ما وَعَدَ الرّحْمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ كانوا أخبرونا أنا نبعث بعد الموت ، ونُحاسب ونُجازَى .

والقول الأوّل أشبه بظاهر التنزيل ، وهو أن يكون من كلام المؤمنين ، لأن الكفار في قيلهم : مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا دليل على أنهم كانوا بمن بعثهم من مَرْقَدهم جُهّالاً ، ولذلك من جهلهم استثبتوا ، ومحال أن يكونوا استثبتوا ذلك إلاّ من غيرهم ، ممن خالفت صفته صفتهم في ذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

{ قالوا يا ويلنا } وقرئ " يا ويلتنا " . { من بعثنا من مرقدنا } وقرئ " من أهبنا " من هب من نومه إذا انتبه ومن هبنا بمعنى أهبنا ، وفيه ترشيح ورمز وإشعار بأنهم لاختلاط عقولهم يظنون أنهم كانوا نياما ، و { من بعثنا } و " من هبنا " على الجارة والمصدر ، وسكت حفص وحده عليها سكته لطيفة والوقف عليها في سائر القراءات حسن . { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } مبتدأ وخبر و { ما } مصدرية ، أو موصولة محذوفة الراجع ، أو { هذا } صفة ل { مرقدنا } و { ما وعدنا } خبر محذوف ، أو مبتدأ خبره محذوف أي { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } ، أو { ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } حق وهو من كلامهم ، وقيل جواب للملائكة أو المؤمنين عن سؤالهم ، معدول عن سننه تذكيرا لكفرهم وتقريعا لهم عليه وتنبيها بأن الذي يهمهم هو السؤال عن البعث دون الباعث كأنهم قالوا : بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث وأرسل إليكم الرسل فصدقوكم وليس الأمر كما تظنون ، فإنه ليس يبعث النائم فيهمكم السؤال عن الباعث وإنما هو البعث الأكبر ذو الأهوال .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

ونداؤهم الويل بمعنى هذا وقتك وأوان حضورك وهو منادى مضاف ، ويحتمل أن يكون نصب الويل على المصدر والمنادى محذوف ، كأنهم قالوا يا قومنا ويلنا ، وقرأ ابن أبي ليلى «يا ويلتنا » بتاء التأنيث{[9795]} ، وقرأ الجمهور «مَن بعثنا » بفتح الميم على معنى الاستفهام ، وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما أنها قرآ «مِن بْعثِنا » بكسر الميم على أنها لابتداء الغاية ، وسكون العين وكسر الثاء على المصدر ، وفي قراءة ابن مسعود ، «من أهبنا من مرقدنا » أي من نبهنا ، وفي قراءة أبي بن كعب «من هبنا » ، قال أبو الفتح ولم أرَ لها في اللغة أصلاً ولا مر بنا " مهبوب " {[9796]} ، ونسبها أبو حاتم إلى ابن مسعود رضي الله عنه ، وقولهم { من مرقدنا } يحتمل أن يريدوا من موضع الرقاد حقيقة ، ويروى عن أبي بن كعب وقتادة ومجاهد أن جميع البشر ينامون نومة قبل الحشر .

قال القاضي أبو محمد : وهذا غير صحيح الإسناد ، وإنما الوجه في قولهم { من مرقدنا } أنها استعارة وتشبيه ، كما تقول في قتيل هذا مرقده إلى يوم القيامة ، وفي كتاب الثعلبي : أنهم قالوا { من مرقدنا } لأن عذاب القبر كان كالرقاد في جنب ما صاروا إليه من عذاب جهنم ، وقال الزجاج : يجوز أن يكون هذا إشارة إلى المرقد ، ثم استأنف بقوله ، { ما وعد الرحمن } ويضمر الخبر حق أو نحوه ، وقال الجمهور : ابتداء الكلام { هذا ما وعد الرحمن } ، واختلف في هذه المقالة من قالها ، فقال ابن زيد : هي من قول الكفرة أي لما رأوا البعث والنشور الذي كانوا يكذبون به في الدنيا قالوا { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } وقالت فرقة : ذلك من قول الله تعالى لهم على جهة التوبيخ والتوقيف ، وقال الفراء : هو من قول الملائكة ، وقال قتادة ومجاهد : هو من قول المؤمنين للكفرة على جهة التقريع .


[9795]:ومثل ذلك قوله تعالى:{ يا ويلتا أألد وأنا عجوز}؟ أصله: يا ويلتي، أبدلت الياء ألفا لأنه نداء، فهو في موضع تخفيف.
[9796]:ومن تتمة كلامه:ما مر بنا مهبوب بمعنى موقظ، وهي-مع حسن الظن بأبي- مقبولة. أما(أهبنا) بالهمزة فهي أقيس القراءتين، يقال: هب من نومه، أي: انتبه، وأهببته أنا، أي: أنبهته، قال الشاعر: ألا أيها النوام ويحكم هبوا أسائلكم: هل يقتل الرجل الحب؟ وهذا