فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

{ قَالُوا } عند بعثهم من القبور بالنفخة .

{ يَا وَيْلَنَا } نادوا ويلهم كأنهم قالوا له : احضر فهذا أوان حضورك ، وهو مصدر لا فعل له من لفظه ، بل من معناه وهو هلك ، وهؤلاء القائلون هم الكفار . قال ابن الأنباري : الوقف على يا ويلنا وقف حسن ، ثم يبتدئ الكلام بقوله :

{ مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } أي مضجعنا ظنوا لاختلاط عقولهم بما شاهدوا من الهول وما داخلهم من الفزع أنهم كانوا نياما . قرئ : من بعثنا على الاستفهام وبكسر الميم على أنها حرف جر وفي قراءة أبي : من أهبنا من هب من نومه إذا انتبه ، وقيل : إنهم يقولون ذلك إذا عاينوا جهنم .

وقال أبو صالح : إذا نفخ النفخة الأولى رفع العذاب عن أهل القبور وهجعوا هجعة إلى النفخة الثانية وعن أبي بن كعب في الآية قال : ( ينامون قبل البعث نومة ) ، وعن مجاهد : أنهم يستريحون من العذاب قبيل النفخة الثانية ويذوقون طعم النوم ، انتهى . فعليه يكون قولهم من مرقدنا حقيقة لأن المرقد حقيقة هو مكان النوم وقيل : إن الله يرفع عنهم العذاب بين النفختين فيرقدون . فإذا بعثوا في الثانية عاينوا أهوال القيامة ودعوا بالويل .

{ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ } جواب عليهم من جهة الملائكة أو من جهة المؤمنين المتقين وقيل : هو من كلام الكفرة يجيب به بعضهم على بعض . قال بالأول الفراء وبالثاني مجاهد وقال قتادة : هي من قول الله سبحانه و ( ما ) في { ما وعد } موصولة وعائدها محذوف ، أي هذا الذي وعده الرحمن .

{ وَصَدَقَ } فيه { الْمُرْسَلُونَ } قد حق عليكم ونزل بكم ، ومفعولا الوعد والصدق محذوفان ، أي وعدكموه الرحمن وصدقكموه المرسلون ، والأصل وعدكم به وصدقكم فيه أو وعدناه الرحمن وصدقناه المرسلون ، على أن هذا من قول المؤمنين أو من قول الكفار أقروا حين لا ينفعهم الإقرار .