التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

{ قَالُواْ } بعد خروجهم من قبورهم بسرعة وفزع { ياويلنا } أى : يا هلاكنا احضر فهذا أوان حضورك .

ثم يقولون بفزع أشد : { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } أى من أثارَنا من رقادنا ، وكأنهم لهول ما شاهدوا قد اختلطت عقولهم ، وأصيبت بالهول ، فتوهموا أنهم كانوا نياما .

قال ابن كثير - رحمه الله - { قَالُواْ ياويلنا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } يعنون قبورهم التى كانوا يعتقدون فى الدار الدنيا أنهم لا يبعثون منها ، فلما عاينوا ما كذبوه فى محشرهم قالوا : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ، وهذا لاينفى عذابهم فى قبورهم ، لأنه بالنسبة إلى ما بعده فى الشدة كالرقاد .

وقوله : { هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن وَصَدَقَ المرسلون } رد من الملائكة أو من المؤمنين عليهم ، أو هو حكاية لكلام الكفرة فى رد بعضهم على بعض على سبيل الحسرة واليأس .

و " ما " موصولة والعائد محذوف ، أى : هذا الذى وعده الرحمن والذى صدّقه المرسلون .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : إذا جعلت " ما " مصدرية ، كان المعنى : هذا وعد الرحمن ، وصدق المرسلين ، على تسمية الموعود والمصدق فيه بالوعد والصدق ، فما وجه قوله : { وَصَدَقَ المرسلون } ؟ إذا جعلتها موصولة ؟

قلت : تقديره : هذا الذى وعده الرحمن ، والذى صدقه المرسلون ، بمعنى : والذى صدق فيه المرسلون ، من قولهم : صدقوهم الحديث والقتال . . .