تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

الآية 52 وقوله تعالى : { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } من الناس من ينكر عذاب القبر بهذه الآية . يقول : المرقد موضع الراحة ، والراقد هو الذي يكون في راحة . فلو كان لهم عذاب ، أو كانوا في عذاب لم يكونوا في رقدة ولا راحة . دل أنه لا يكون .

ومنهم من يقول : يكون في القبر عذاب ، إلا أنهم لما عاينوا عذاب الآخرة وأهوالها صار عذاب القبر لهم كالرّقاد عنه عذاب الآخرة .

ومنهم من يقول : ينامون نومة قبل البعث ، ثم يُبعثون ، ومثل هذا .

وجائز أن تكون النفس التي تخرج عند النوم تلك النفس في حال الموت . فتجد تلك ألم ذاك كما تجد النفس التي تخرج من النائم ألم عذاب يصيبه . وتجد لذة أيضا إذا كانت لذة . وترى في النوم أهوالا وأفزاعا ، وذلك معروف . فعلى ذلك هؤلاء الكفرة يُعذّبون بما ذكرنا . فإذا بعثوا قالوا عند ذلك : { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } والمرقد هو الموضع الذي ينام فيه . أو أن يكونوا في عذاب ، أعني في القبور . لكنهم إذا عاينوا عذاب الآخرة ، وشاهدوا أهوالها ، هان ذلك العذاب الذي كان لهم في القبر وسهُل عند عذاب الآخرة ، فقالوا عند ذلك : { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } والله أعلم بذلك .

وقوله تعالى : { هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون } قال بعضهم : هذا قول الملائكة لهم عند قولهم : { يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } . وقال بعضهم : [ هو ]{[17506]} قول المؤمنين لهم عند قولهم الذي قالوا .

وجائز أن يكون ذلك أيضا قول أولئك الكفرة ، يقرّون بالبعث /447-ب/ عند معاينتهم البعث ، يقولون : هذا الذي وعد لنا المرسلون ، وقد صدقوا في ذلك ، ونحن كذّبنا فيه . لكن لا ينفعهم تصديقهم إياهم بذلك في ذلك الوقت ، [ وهو ]{[17507]} كإيمانهم عند معاينتهم بأس الله ، وهو قوله : { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده } [ غافر : 84 ] فعلى ذلك هؤلاء . لكن لا ينفعهم .


[17506]:ساقطة من الأصل وم.
[17507]:من م، في الأصل: و.