المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

83- فحين جاءت هذه الأمم رسلهم بالشرائع والمعجزات الواضحات فرحت هذه الأمم بما عندهم من علوم الدنيا ، واستهزأوا بعلم المرسلين ، فنزل بهم العذاب الذي أخبرهم به المرسلون وكانوا به يستهزئون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

ثم ذكر جرمهم الكبير فقال : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } من الكتب الإلهية ، والخوارق العظيمة ، والعلم النافع المبين ، للهدي من الضلال ، والحق من الباطل { فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ } المناقض لدين الرسل .

ومن المعلوم ، أن فرحهم به ، يدل على شدة رضاهم به ، وتمسكهم ، ومعاداة الحق ، الذي جاءت به الرسل ، وجعل باطلهم حقًا ، وهذا عام لجميع العلوم ، التي نوقض بها ، ما جاءت به الرسل ، ومن أحقها بالدخول في هذا ، علوم الفلسفة ، والمنطق اليوناني ، الذي رُدَّت به كثير من آيات القرآن ، ونقصت قدره في القلوب ، وجعلت أدلته اليقينية القاطعة ، أدلة لفظية ، لا تفيد شيئًا من اليقين ، ويقدم عليها عقول أهل السفه والباطل ، وهذا من أعظم الإلحاد في آيات الله ، والمعارضة لها ، والمناقضة ، فالله المستعان .

{ وَحَاقَ بِهِمْ } أي : نزل { مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } من العذاب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فلما جاءت هؤلاء الأمم الذين من قبل قريش المكذّبة رسلها رسلهم الذين أرسلهم الله إليهم بالبينات ، يعني : بالواضحات من حجج الله عزّ وجلّ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ يقول : فرحوا جهلاً منهم بما عندهم من العلم وقالوا : لن نبعث ، ولن يعذّبنا الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ قال : قولهم : نحن أعلم منهم ، لن نعذّب ، ولن نبعث .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ بجهالتهم .

وقوله : وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ يقول : وحاق بهم من عذاب الله ما كانوا يستعجلون رسلهم به استهزاء وسخرية . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ما جاءتهم به رسلهم من الحقّ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

{ فلما جاءتهم رسلهم بالبينات } بالمعجزات أو الآيات الواضحات . { فرحوا بما عندهم من العلم } واستحقروا علم الرسل ، والمراد بالعلم عقائدهم الزائغة وشبههم الداحضة كقوله : { بل ادراك علمهم في الآخرة } وهو قولهم : لا نبعث ولا نعذب ، وما أظن الساعة قائمة ونحوها ، وسماها علما على زعمهم تهكما بهم ، أو علم الطبائع والتنجيم والصنائع ونحو ذلك ، أو علم الأنبياء ، وفرحهم به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده : { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } وقيل الفرح أيضا للرسل فإنهم لما رأوا تمادي جهل الكفار وسوء عاقبتهم فرحوا بما أوتوا من العلم وشكروا الله عليه وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

الضمير في : { جاءتهم } عائد على الأمم المذكورين الذين جعلوا مثلاً وعبرة . واختلف المفسرون في الضمير في : { فرحوا } على من يعود ، فقال مجاهد وغيره : هو عائد على الأمم المذكورين ، أي بما عندهم من العلم في ظنهم ومعتقدهم من أنهم لا يبعثون ولا يحاسبون . قال ابن زيد : واغتروا بعلمهم في الدنيا والمعايش ، وظنوا أنه لا آخرة ففرحوا ، وهذا كقوله تعالى : { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا }{[10030]} وقالت فرقة : الضمير في { فرحوا } عائد على الرسل ، وفي هذا الرسل حذف ، وتقديره : { فلما جاءتهم رسلهم بالبينات } كذبوهم ، ففرح الرسل بما عندهم من العلم بالله والثقة به ، وبأنه سينصرهم . { وحاق } معناه : نزل وثبت ، وهي مستعملة في الشر . و { ما } في قوله : { ما كانوا } هو العذاب الذي كانوا يكذبون به ويستهزئون بأمره ، والضمير في { بهم } عائد على الكفار بلا خلاف .


[10030]:من الآية (7) من سورة (الروم).