والضمير في { جاءتهم } عائد على { الذين من قبلهم } .
وجاء قوله : { من العلم } على جهة التهكم بهم ، أي في الحقيقة لا علم لهم ، وإنما لهم خيالات واستبعادات لما جاءت به الرسل ، وكانوا يدفعون ما جاءت به الرسل بنحو قولهم : { ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيراً منها منقلباً } أو اعتقدوا أن عندهم علماً يستغنون به عن علم الأنبياء ، كما تزعم الفلاسفة .
والدهريون كانوا إذا سمعوا بوحي الله ، دفعوه وصغروا علم الأنبياء إلى علمهم .
ولما سمع سقراط ، لعنه الله ، بموسى ، صلوات الله على نبينا وعليه ، قيل له : لو هاجرت إليه ، فقال : نحن قوم مهذبون ، فلا حاجة بنا إلى من يهذبنا .
وعلى هذين القولين تكون الضمائر متناسقة عائدة على مدلول واحد .
وقيل : الضمير في { فرحوا } ، وفي { بما عندهم } عائد على الرسل ، أي فرحت الرسل بما أوتوا من العلم ، وشكروا الله عليه ، لما رأوا جهل من أرسلوا إليهم واستهزاءهم بالحق ، وعلموا سوء عاقبتهم .
وقيل : الضمير في { فرحوا } عائد على الأمم ، وفي { بما عندهم } عائد على الرسل ، أي فرح الكفار بما عند الرسل من العلم فرح ضحك واستهزاء .
وقال الزمخشري : ومنها ، أي من الوجوه التي في الآية في قوله : { فرحوا بما عندهم من العلم } ، مبالغة في نفي فرحهم بالوحي الموجب لأقصى الفرح والسرور في تهكم بفرط جهلهم وخلوهم من العلم . انتهى .
ولا يعبر بالجملة الظاهر كونها مثبتة عن الجملة المنفية إلا في قليل من الكلام ، نحو قولهم : شر أهر ذا ناب ، على خلاف فيه ، ولما آل أمره إلى الإيتاء المحصور جاز .
وأما في الآية فينبغي أن لا يحمل على القليل ، لأن في ذلك تخليطاً لمعاني الجمل المتباينة ، فلا يوثق بشيء منها .
وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد { فرحوا بما عندهم من العلم } : علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها ، كما قال تعالى : { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } ذلك مبلغهم من العلم ، فلما جاءتهم الرسل بعلوم الديانات ، وهي أبعد شيء من علمهم لبعثها على رفض الدنيا والظلف عن الملاذ والشهوات ، لم يلتفتوا إليها ، وصغروها واستهزؤوا بها ، واعتقدوا أنه لا علم أنفع وأجلب للفوائد من علمهم ، ففرحوا به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.