غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

51

قوله { فرحوا } لا يخلو إما أن يكون الضمير عائداً إلى الكفار أو إلى الرسل . وعلى الأول فيه وجوه منها : أنه تهكم بعلمهم الذي يزعمون كقولهم { وما أظن الساعة قائمة } [ الكهف : 36 ] { أئذا كنا تراباً وعظاماً أئنا لفي خلق جديد } [ ق : 4 ] ومنها أنه أراد بذلك شبهات الدهرية وبعض الفلاسفة كقولهم { وما يهلكنا إلا الدهر }

[ الجاثية : 24 ] وكانوا إذا سمعوا بوحي الله دفعوه وحقروا علم الأنبياء بالنسبة إلى علمهم كما يحكى عن سقراط أنه سمع بموسى عليه السلام فقيل له : لو هاجرت إليه ؟ فقال : نحن قوم مهديون فلا حاجة بنا إلى من يهدينا . ويروى أن جالينوس قال لعيسى عليه السلام : بعثت لغيرنا . ومنها أن يراد علمهم بظاهر المعاش كقوله { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا } [ الروم : 7 ] وذلك مبلغهم من العلم فرحوا به وأعرضوا عن علم الديانات . وعلى الثاني يكون معناه أن الرسل لما رأوا جهل قومهم وسوء عاقبتهم فرحوا بما أوتوا من العلم وشكروا الله وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم . ووجه آخر وهو أن يكون ضمير { فرحوا } للكفار وضمير { عندهم } للرسل أي فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك واستهزاء .

/خ85