فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

{ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } أي بالحجج الواضحات ، والمعجزات الظاهرات { فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ } أي أظهر الكفار الفرح بما عندهم مما يدعون أنه من العلم ، من الشبه الداحضة ، والدعاوى الزائغة ، والفنون الفاسدة ، والعلوم الكاسدة ، وسماه علما تهكما بهم ، أو على ما يعتقدونه ، وقال مجاهد : قالوا نحن أعلم منهم لن نعذب ولن نبعث ، وقيل المراد من العلم علم أحوال الدنيا لا الدين كما في قوله :

{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } قال النسفي : أو علم الفلاسفة والدهريين ، فإنهم كانوا إذا سمعوا بوحي الله دفعوه وصغروا علم الأنبياء إلى علمهم ، وعن سقراط أنه سمع موسى وقيل له لو هاجرت إليه ؟ فقال : نحن قوم مهذبون فلا حاجة بنا إلى من يهذبنا ، أو المراد فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك واستهزاء به ، كأنه قال : استهزأوا بالبينات وبما جاؤوا به من علم الوحي ، فرحين مرحين ، انتهى : وقيل : الذين فرحوا بما عندهم من العلم هم الرسل ، وذلك أنهم لما كذبهم قومهم وأعلمهم الله بأنه مهلك الكافرين ومنجي المؤمنين ، ففرحوا بذلك .

{ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي أحاط بهم جزاء استهزائهم