تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (83)

الآية 83 وقوله تعالى : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ } [ يحتمل قوله : { فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ } ]{[18379]} وجهين :

أحدهما : أي فرحوا بما عندهم أنه علم ، وليس هو في الحقيقة علم . لكن عندهم أن ذلك علم ، وهو كقوله : { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا } [ طه : 97 ] أي انظر إلى إلهك الذي هو عندك إله ، وإلا لم يكن ذلك عند موسى عليه السلام إلها . ولكن ذكر على ما عند ذلك الرجل للتعريف .

فعلى ذلك قوله : { فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ } أي بما عندهم أنه علم ، وإن لم يكن في الحقيقة علما ، والله أعلم .

والثاني : يحتمل أن يكون على حقيقة العلم ، وذلك من أهل الكتاب ؛ قد كان من أهل الكتاب الإيمان بما عندهم من الكتاب ، وهو في الحقيقة علم ، لا شك فيه ، لكنهم لما كذّبوا غيره من الكتب والعلوم ، وكفروا بها لم ينفعهم إيمانهم بما عندهم من العلم كقوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ } [ البقرة : 91 ] كان إيمانهم بما أنزل إليهم حقا{[18380]} ، لكنهم لما كفروا بغيره أبطل ذلك الكفر إيمانهم بالذي أُنزل إليهم . فعلى ذلك الأول ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي يحيق بهم العذاب بما كانوا يستهزئون بالرسل{[18381]} .


[18379]:من م، ساقطة من الأصل.
[18380]:في الأصل وم: حق.
[18381]:الباء ساقطة من الأصل وم.