{ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ * وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ْ }
يقول تعالى : { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ْ } أي : عهدهم الثقيل بالإيمان بالله ، والقيام بواجباته التي تقدم الكلام عليها في قوله : { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ْ } إلى آخر الآيات . { وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ْ } يتوالون عليهم بالدعوة ، ويتعاهدونهم بالإرشاد ، ولكن ذلك لم ينجع فيهم ، ولم يفد { كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ ْ } من الحق كذبوه وعاندوه ، وعاملوه أقبح المعاملة { فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ْ }
{ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىَ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } . .
يقول تعالى ذكره : أقسم لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل على الإخلاص وتوحيدنا ، والعمل بما أمرناهم به ، والانتهاء عما نهيناهم عنه وأرسلنا إليهم بذلك رسلاً ، ووعدناهم على ألسن رسلنا إليهم على العمل بطاعتنا الجزيل من الثواب ، وأوعدناهم على العمل بمعصيتنا الشديد من العقاب ، كلما جاءهم رسول لنا بما لا تشتهيه نفوسهم ولا يوافق محبتهم كذبوا منهم فريقا ويقتلون منهم فريقا ، نقضا لميثاقنا الذي أخذناه عليهم ، وجراءة علينا وعلى خلاف أمرنا .
{ لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا } ليذكروهم وليبينوا لهم أمر دينهم . { كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم } بما يخالف هواهم من الشرائع ومشاق التكاليف . { فريقا كذبوا وفريقا يقتلون } جواب الشرط والجملة صفة رسلا والراجع محذوف أي رسول منهم . وقيل الجواب محذوف دل عليه ذلك وهو استئناف ، وإنما جيء ب{ يقتلون } موضع قتلوا على حكاية الحال الماضية استحضارا لها واستفظاعا للقتل وتنبيها على أن ذلك من ديدنهم ماضيا ومستقبلا ومحافظة على رؤوس الآي .
قوله عز وجل : { لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل } الآية ، استئناف خبر بفعل أوائلهم وما نقضوا من العهود واجترحوا من الجرائم ، أي«إن العصا من العصية{[4630]} » ، وهؤلاء يا محمد من أولئك فليس قبيح فعلهم ببدع ، و { كلما } ظرف والعامل فيه [ كذبوا ] و[ يقتلون ] . . وقوله تعالى : { بما لا تهوى أنفسهم } يقتضي أن هواهم كان غير الحق وهو ظاهر هوى النفس متى أطلق ، فمتى قيد بالخير ساغ ذلك ، ومنه قول عمر رضي الله عنه في قصة أسارى بدر : فهوى رسول الله ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت أنا ، وقوله تعالى : { فريقاً كذبوا } معناه كذبوه فقط ، يريد الفريق من الرسل ولم يقتلوه ، وفريقاً من الرسل كذبوه وقتلوه ، فاكتفى بذكر القتل إذ هو يستغرق التكذيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.