الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{لَقَدۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَأَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ رُسُلٗاۖ كُلَّمَا جَآءَهُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُهُمۡ فَرِيقٗا كَذَّبُواْ وَفَرِيقٗا يَقۡتُلُونَ} (70)

قوله تعالى : " لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا " قد تقدم في ( البقرة ){[5809]} معنى الميثاق وهو ألا يعبدوا إلا الله ، وما يتصل به . والمعنى في هذه الآية{[5810]} لا تأس على القوم الكافرين فإنا قد أعذرنا إليهم ، وأرسلنا الرسل فنقضوا العهود . وكل هذا يرجع إلى ما افتتحت به السورة وهو قوله : " أوفوا بالعقود " [ المائدة : 1 ] . " كلما جاءهم " أي اليهود " رسول بما لا تهوى أنفسهم " لا يوافق هواهم " فريقا كذبوا وفريقا يقتلون " أي كذبوا فريقا وقتلوا فريقا ، فمن كذبوه عيسى ومن مثله من الأنبياء ، وقتلوا زكريا ويحيى وغيرهما من الأنبياء . وإنما قال : " يقتلون " لمراعاة رأس الآية . وقيل : أراد فريقا كذبوا ، وفريقا قتلوا ، وفريقا يكذبون وفريقا يقتلون ، فهذا دأبهم وعادتهم فاختصر . وقيل : فريقا كذبوا لم يقتلوهم ، وفريقا قتلوهم فكذبوا . و " يقتلون " نعت لفريق . والله أعلم .


[5809]:راجع ج 1 ص 246 وما بعدها.
[5810]:من ج و ع و ك و هـ.