فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَقَدۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَأَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ رُسُلٗاۖ كُلَّمَا جَآءَهُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُهُمۡ فَرِيقٗا كَذَّبُواْ وَفَرِيقٗا يَقۡتُلُونَ} (70)

{ لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون 70 وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب عليهم ثم عموا وصموا كثيرا منهم والله بصير بما يعلمون 71 } .

{ لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل } كلام مبتدأ لبيان بعض أفعالهم الخبيثة وجناياتهم المنادية باستبعاد الإيمان منهم أي والله لقد أخذنا ميثاقهم بالتوحيد وسائر الشرائع والأحكام المكتوبة عليهم في التوراة ، وقد تقدم في البقرة بيان معنى الميثاق { وأرسلنا إليهم رسلا } ليعرفوهم بالشرائع وينذروهم { كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم } جملة شرطية وقعت جوابا لسؤال ناشئ من الإخبار بإرسال الرسل كأنه قيل : ماذا فعلوا بالرسل ؟ وجواب الشرط محذوف أي عصوه .

{ فريقا كذبوا } جملة مستأنفة أيضا جواب عن سؤال ناشئ عن الجواب الأول كأنه قيل : كيف فعلوا بهم ؟ فقيل فريقا كذبوا منهم ولم يتعرضوا لهم بضرر { وفريقا } آخر منهم { يقتلون } أي : قتلوهم ولم يكتفوا بتكذيبهم ، وإنما قال : وفريقا يقتلون لمراعاة رؤوس الأي فممن كذبوه عيسى ومثاله من الأنبياء ، وممن قتلوه زكريا ويحيي ، وإنما فعلوا ذلك نقضا للميثاق وجرأة على الله ومخالفة لأمره .