المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

3- بل يقولون : اختلقه محمد ، ونسبه لله . ما كان لهم أن يقولوا هذا ، بل هو الحق المنزل عليك من ربك لتخوف به قوماً لم يأتهم من رسول من قبلك ، ترجو بذلك الإنذار هدايتهم وإذعانهم للحق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

وكل واحد من هذه من الأمور العظائم ، قال اللّه - رادًا على من قال : افتراه : -

{ بَلْ هُوَ الْحَقُّ } الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد . { مِنْ رَبِّكَ } أنزله رحمة للعباد { لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ } أي : في حالة ضرورة وفاقة لإرسال الرسول ، وإنزال الكتاب ، لعدم النذير ، بل هم في جهلهم يعمهون ، وفي ظلمة ضلالهم يترددون ، فأنزلنا الكتاب عليك { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } من ضلالهم ، فيعرفون الحق فيؤثرونه .

وهذه الأشياء التي ذكرها اللّه كلها ، مناقضة لتكذيبهم له : وإنها تقتضي منهم الإيمان والتصديق التام به ، وهو كونه { مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وأنه { الْحَقُّ } والحق مقبول على كل حال ، وأنه { لَا رَيْبَ فِيهِ } بوجه من الوجوه ، فليس فيه ، ما يوجب الريبة ، لا بخبر لا يطابق للواقع{[679]}  ولا بخفاء واشتباه معانيه ، وأنهم في ضرورة وحاجة إلى الرسالة ، وأن فيه الهداية لكل خير وإحسان .


[679]:- في ب: بخبر غير مطابق للواقع.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

و " أم " فى قوله - تعالى - : { أَمْ يَقُولُونَ افتراه } هى المنقطعة التى بمعنى بل والهمزة . والاستفهام للتعجيب من قولهم وإنكاره .

والافتراء : الاختلاق . يقال : فلان افترى الكذب ، أى : اختلقه . وأصله من الفرى بمعنى قطع الجلد . وأكثر ما يكون للإِفساد .

والمعنى : بل أيقول هؤلاء المشركون ، إن محمدا صلى الله عليه وسلم ، قد افترى هذا القرآن ، واختلقه من عند نفسه . . . ؟

وقوله - عز وجل - : { بَلْ هُوَ الحق مِن رَّبِّكَ } رد على أقوالهم الباطلة .

أى : لا تستمع - أيها الرسول الكريم - إلى أقاويلهم الفاسدة ، فإن هذا القرآن هو الحق الصادر إليك من ربك - عز وجل - .

ثم بين - سبحانه - الحكمة فى إرساله صلى الله عليه وسلم - وفى إنزال القرآن عليه فقال : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } .

والإِنذار : هو التخويف من ارتكاب شئ تسوء عاقبته . و " ما " نافية .

و " نذير " فاعل " أتاهم " و " من " مزيدة للتأكيد .

أى : هذا القرآن - يا محمد - هو معجزتك الكبرى ، وقد أنزلناه إليك لتنذر قوماً لم يأتهم نذير من قبلك بما جئتهم به من هدايات وإرشادات وآداب .

وقد فعلنا ذلك رجاء أن يهتدوا إلى الصراط المستقيم ، ويستقبلوا دعوتك بالطاعة والاستجابة لما تدعوهم إليه .

ولا يقال : إن إسماعيل - عليه السلام - قد أرسل إلى آباء هؤلاء العرب الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم ، لأن رسالة إسماعيل قد اندرست بطول الزمن ، ولم ينقلها الخلف عن السلف ، فكانت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه ، جديدة فى منهجها وأحكامها وتشريعاتها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

{ أم يقولون افتراه } فإنه إنكار لكونه من رب العالمين وقوله : { بل هو الحق من ربك } فإنه تقرير له ، ونظم الكلام على هذا أنه أشار أولا إلى إعجازه ، ثم رتب عليه أن تنزيله من رب العالمين ، وقرر ذلك بنفي الريب عنه ، ثم أضرب عن ذلك إلى ما يقولون فيه على خلاف ذلك إنكارا له وتعجيبا منه ، فإن { أم } منقطعة ثم أضرب عنه إلى إثبات أنه الحق المنزل من الله وبين المقصود من تنزيله فقال : { لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك } إذا كانوا أهل الفترة . { لعلهم يهتدون } بإنذارك إياهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

وقوله { أم يقولون } إضراب ، كأنه قال بل أيقولون ، و { افتراه } اختلقه ، ثم رد تعالى على مقالتهم هذه وأخبر أنه { الحق } من عند الله ، واللام في قوله { لتنذر } يجوز أن تتعلق بما قبلها ، ولا يجوز الوقف على قوله { من ربك } ويجوز أن تتعلق بفعل مضمر تقديره أنزله لتنذر فيوقف حينئذ على قوله { من ربك } ، وقوله { ما أتاهم من نذير } أي : لم يباشرهم ولا رأوه هم ولا آباؤهم العرب ، وقوله تعالى : { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير }{[9401]} [ فاطر : 24 ] يعم من بوشر من النذر ومن سمع به فالعرب من الأمم التي خلت فيها النذر على هذا الوجه لأنها علمت بإبراهيم وبنيه ودعوتهم وهم ممن لم يأتهم نذير مباشر لهم سوى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عباس ومقاتل : المعنى لم يأتهم نذير في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام{[9402]} .


[9401]:من الآية 24 من سورة فاطر.
[9402]:يقول أبو حيان في معرض الرد على رأي للزمخشري حاول فيه التوفيق بين آية فاطر وآية السجدة هذه: "لقد فهم المفسرون أن (ما) في قوله تعالى: {ما أتاهم من نذير} نافية، وعندي أنها موصولة، والمعنى: لتنذر قوما العقاب الذي أتاهم، و {من نذير} متعلق ب (أتاهم)، أي أتاهم على لسان نذير من قبلك، وكذلك المعنى في قوله: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} إذ تقديره: لتنذرهم العقاب الذي أنذره آباؤهم، ف [ما] مفعولة في الموضعين، و(أنذر) تتعدى إلى اثنين، قال تعالى: {فإن أعرضوا فقد أنذرتكم صاعقة}، وهذا القول جار على ظواهر القرآن، قال تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} و {إن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير نفقد جاءكم بشير ونذير}، وقال تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} وقال: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا}.