فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

{ أَمْ يَقُولُونَ ؟ } أم هي المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة أي بل أيقولون ؛ فأضرب عن الكلام الأول إلى ما هو معتقد الكفار مع الاستفهام المتضمن للتقريع والتوبيخ .

{ افْتَرَاهُ } أي افتعله واختلقه من تلقاء نفسه ثم أضرب عن معتقدهم هذا إلى بيان ما هو الحق شأن الكتاب فقال :

{ بَلْ } إضراب إبطال لنفس افتراه وحده ، وعلى هذا كل ما في القرآن إضراب فهو انتقال إلا هذا ، فإنه يجوز أن يكون إبطالا لأنه إبطال لقومهم أي . ليس هو كما قالوا ، بل { هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } فكذبهم سبحانه في دعوى الافتراء ، ثم بين العلة التي كان التنزيل لأجلها فقال :

{ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ } وهم العرب ؛ وكانوا أمة أمية لم يأتهم رسول ، وقيل قريش خاصة ، والتقدير لتنذر قوما العقاب ، وجوز أبو حيان أن تكون { ما } موصولة أي العقاب الذي أتاهم وهو ضعيف جدا ، فإن المراد تعليل الإنزال لقوم لم يأتهم نذير قبله ، لا تعليله بالإنذار لقوم قد أنذروا بما أنذرهم به . وقيل : المراد بالقوم أهل الفترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم { للَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } أي كي يهتدوا أو رجاء أن يهتدوا والترجي معتبر من جهته عليه السلام .