قوله : { أَمْ يَقُولُونَ } هي المنقطعة ، والإضراب للانتقال لا للإبطال ، وقيل : الميم صلة أي أَيَقُولُونَ افْتَرَاهُ .
وقيل : فيه إضمار مجازه فهل يؤمنون أم يقولون افتراه . وقوله : { بَلْ هُوَ الحق } إضراب ثانٍ ولو قيل : بأنه إضرابُ إبطالٍ لنفس «افتراه » وحده لكان صواباً وعلى هذا يقال : كل ما في القرآن إضراب وهو انتقال إلا هذا فإنه يجوز أن يكون إبطالاً لأنه إبطال لقولهم ، أي ليس هو كما قالوا مُفْتَرى بل هو الحق . وفي كلام الزَّمَخْشَرِي ما يرشد إلى{[42705]} هذا فإنه قال : والضمير في «فيه » راجعٌ إلى مضمون الجملة{[42706]} كأنه قيل لا ريبَ في ذلك أي في كونه من رب العالمين ويشهد لواجهته{[42707]} : { أَمْ يَقُولُونَ افتراه } ؛ لأن قولهم مفترىً إنكار لأن يكون من رب العالمين وكذلك قوله : { بَلْ هُوَ الحق مِن رَّبِّكَ } وما فيه من تقرير أنه من الله وهذا أسلوب صحيحٌ محكَمٌ{[42708]} .
قوله : «مِنْ رَبِّكَ » حال من «الحَقِّ » والعامل فيه محذوف على القاعدة وهو العامل في «لِتُنْذِرَ » ويجوز أن يكون العامل في : «لتنذر » غيره أي أنْزَلَهُ لِتُنْذِرَ .
قوله : { قَوْماً مَا أَتَاهُمْ } الظاهر أن المفعول الثاني للإنذار محذوف ، و «قوماً » هو الأول ، إذ التقدير : لتنذر قوماً العقابَ و «مَا أتَاهُمْ » جملة منفية في محل نصب صفة «لقوماً » يريد الذين في الفترة{[42709]} بين عيسى ومحمد عليهما السلام . وجعله الزمخشري{[42710]} كقوله : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ } [ يس : 6 ] فعلى هذا يكون «من نذير » هو فاعل «أَتَاهُمْ » و «من » مزيدة فيه و «مِنْ قَبْلِكَ » صفة «لِنَذير » ، ويجوز أن يتعلق «مِنْ قَبْلِكَ » «بأَتَاهُمْ » . وجوز أبو حيان{[42711]} أن تكون «ما » موصولة في الموضعين والتقدير : لتنذر قوماً العقاب الذي أتاهم من نذير من قبلك و «مِنْ نَذِيرٍ » متعلق «بأَتَاهُمْ » أي أتاهم على لسان نذير من قبلك وكذلك { لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم } أي العقاب الذي أنذرَهُ آباؤُهُمْ ، «فما » مفعولة في الموضعين ، و «أنذر » يتعدى إلى اثنين قال الله تعالى : { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً } [ فصلت : 13 ] وهذا القول جارٍ على ظواهر القرآن قَالَ تَعَالَى : { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [ فاطر : 24 ] { أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } [ المائدة : 19 ] هذا الذي قال ظاهر ، ويظهر أن في الآية الأخرى وجهاً آخر وهو أن تكون «ما » مصدرية تقديره لتنذر قوماً إنذَار آبائهم لأن الرسل كُلَّهُمْ متفقون{[42712]} على كلمة الحق .
المعنى بل هو يعني القرآن الحق من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبْلِكَ . قال قتادة : كانوا أمةً لم يأتهم نذير قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - ( قال ابن عباس{[42713]} ومقاتل : ذاك في الفترة التي كانت بين عيسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ) «لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.