{ آلم ( 1 ) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ( 2 )أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ( 3 ) }[ 1-3 ] .
وهذه أولى السور في ترتيب النزول الذي سرنا عليه تبتدئ بهذه الحروف . وقد تكرر ذلك بعدها في ثلاث سور مكية وسورتين مدنيتين . ولم يورد المفسرون في صددها شيئا جديدا ، وعطفوا على ما ذكروه في تفسير أول سورة البقرة المشابه . ونرجح هنا ما رجحناه في سياق مماثلاتها أنها للتنبيه واسترعاء السمع ، وقد أعقب الحروف الثلاثة كما هو الشأن في معظم السور المماثلة إشارة تنويهية إلى القرآن كتاب الله ، وتوكيد بأنه تنزيل من رب العالمين لا إمكان للريب فيه . ثم أعقب ذلك إشارة استدراكية إلى ما يقوله الكفار بأسلوب تنديدي كانوا يقولون إن النبي افتراه ، ورد على القول بتوكيد أنه الحق من الله أنزله على النبي لينذر به أناسا لم يأتهم نذير من قبله أن رجاء أن يهتدوا به إلى طريق الله القويم .
والآيتان الأوليان براعة أو مقدمة استهلالية للآية الثالثة كما هو المتبادر . والآيات الثلاث منصبة في جملتها على توكيد نزول القرآن من عند الله وتكذيب دعوى افترائه التي تكررت حكايتها وتكرر تكذيبها بتكرر المواقف المماثلة .
{ لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك }
ولقد روى البغوي عن ابن عباس في صدد جملة { لتنذر قوما ما أتاهم من نذير }أنها تعني الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام . وقال الطبري : إنها تعني قريشا الذين لم يأتهم رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا القول أكثر وجاهة فيما يتبادر لنا . وتاريخ قريش لا يرتقي إلى أكثر من بضع مائة سنة على ما شرحناه في سياق سورة قريش فلا تناقض بين هذا القول ورسالات الأنبياء من عيسى وما قبله .
وقد يرد أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن لقريش فقط . وأن هناك روايات عن نبيين عربيين بعثا بعد عيسى . وهما حنظلة بن صفوان نبي الرس الذي تدل فصاحة اسمه على أنه ليس بعيدا كثيرا عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم والذي ذكرنا خبره في سياق سورة ( ق ) وخالد بن سنان العبسي{[1635]} ولسنا نرى هذا ناقضا لقول الطبري حتى في حالة صحة الروايات . فقريش كانوا وظلوا في الدرجة الأولى هم الذين يوجه إليهم الخطاب في معظم ظروف العهد المكي النبوي برغم ما في القرآن المكي من إشارات إلى عموم الرسالة النبوية وشمولها حيث كان هذا هو المتسق مع الحالة الراهنة . وهذا ما انطوى في الآية { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها } [ الشورى : 7 ] والآية [ 92 ] المماثلة في سورة الأنعام على ما نبهنا عليه في سياق تفسير السورتين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.