بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (3)

فلما نزله جبريل عليه السلام جحده قريش ، وقالوا : إنما يقوله من تلقاء نفسه . فنزل { أَمْ يَقُولُونَ افتراه } يعني : أيقولون اختلقه من ذات نفسه . وقال أهل اللغة : فرى يفري إذا قطعه للإصلاح . وأفرى يفري : إذا قطعه للاستهلاك . فأكذبهم الله عز وجل قال : { بَلْ هُوَ الحق مِن رَّبّكَ } يعني : القرآن . ولو لم يكن من الله عز وجل ، لم يكن حقاً وكان باطلاً ، ويقال : { بَلْ هُوَ الحق مِن رَّبّكَ } يعني : نزل من عند ربك { لِتُنذِرَ قَوْماً } يعني : كفار قريش { مَّا أتاهم من نَّذِيرٍ من قَبْلِكَ } يعني : لم يأتهم في عصرك . ولكن أتاهم من قبل ، لأن الأنبياء المتقدمين عليهم السلام ما كانوا إلى جميع الناس . ويقال : معناه : لم يشاهدوا نذيراً قبلك . وإنما الإنذار قد كان سبق لأنه قال : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً } [ الإسراء : 15 ] وقد سبق الرسل . ويقال : { مَّا آتاهم من نذِيرٍ من قَبْلِكَ } يعني : من قومهم من قريش .

ثم قال : { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } يعني : يهتدون من الضلالة . وأصل الإنذار هو الإسلام . يقال : أنذر العدو إذا أعلمه .