المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

2- هو سبحانه الذي يملك - وحده - السماوات والأرض ، والمنزه عن اتخاذ الولد ، ولم يكن له أي شريك في ملكه ، وقد خلق كل شيء وقدَّره تقديراً دقيقاً بنواميس تكفل له أداء مهمته بنظام{[155]} .


[155]:{الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدره تقديرا}: أثبت العلم الحديث أن كل الموجودات تسير بحكم تكوينها وما يجري عليها من تطورات مختلفة وفق نظام دقيق ثابت لا يقدر عليه إلا خالق قدير مبدع. فمن حيث التكوين فقد تبين أن جميع هذه الموجودات والمخلوقات على اختلاف أشكالها وتباين صورها تتألف من اتحاد عناصر محدودة العدد، إذ يبلغ عددها قرابة المائة عنصر "منها 96 معروفة حتى الآن" وهي تتدرج في صفاتها الطبيعية والكيميائية وأوزانها الذرية، تبدأ بالعنصر رقم "1" وهو الأيدروجين ووزنه الذري "1" وتنتهي ـ حتى الآن ـ بالعنصر رقم 96 وهو عنصر اليوريوم ووزنه الذري غير معلوم، وآخر عنصر علم وزنه الذري هو اليورانيوم ويبلغ وزنه الذري 57ر238، وتسير هذه العناصر في اتحادها لتكوين المركبات حسب قوانين ثابتة لا تحيد عنها، وكذلك النبات والحيوان فإن كلا منها ينقسم إلي أسر وفصائل وأنواع تتدرج صفاتها في مدارج الرقي من الكائنات الحية ذات الخلية الواحدة: مثل الميكروبات، إلي كائنات متعددة الخلايا إلي الإنسان وهو أكملها. ولكل من هذه الأنواع صفات خاصة تتوارث فيما بينها جيلا بعد جيل وكل هذا يسير تبعا لقوانين ونظم ثابتة دقيقة، تنبئ بجلاء ووضوح عن عظمة الخالق وقدرته. فسبحانه وتعالي عما يشركون.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

{ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ْ } أى : له التصرف فيهما وحده ، وجميع من فيهما مماليك وعبيد له مذعنون لعظمته خاضعون لربوبيته ، فقراء إلى رحمته الذي { لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ْ } وكيف يكون له ولد أو شريك وهو المالك وغيره مملوك ، وهو القاهر وغيره مقهور وهو الغني بذاته من جميع الوجوه ، والمخلوقون مفتقرون إليه فقرا ذاتيا من جميع الوجوه ؟ "

وكيف يكون له شريك في الملك ونواصي العباد كلهم بيديه ، فلا يتحركون أو يسكنون ولا يتصرفون إلا بإذنه فتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فلم يقدره حق قدره من قال فيه ذلك ولهذا قال : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ْ } شمل العالم العلوي والعالم السفلي من حيواناته ونباتاته وجماداته ، { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ْ } أي : أعطى كل مخلوق منها ما يليق به ويناسبه من الخلق وما تقتضيه حكمته من ذلك ، بحيث صار كل مخلوق لا يتصور العقل الصحيح أن يكون بخلاف شكله وصورته المشاهدة ، بل كل جزء وعضو من المخلوق الواحد لا يناسبه غير محله الذي هو فيه . قال تعالى : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ْ } وقال تعالى : { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ْ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

ثم وصف - سبحانه - ذاته بجملة من الصفات التى توجب له العبادة والطاعة فقال : { الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض } فهو الخالق لهما . وهو المالك لأمرهما ، لا يشاركه فى ذلك مشارك .

والجملة الكريمة خبر لمبتدأ محذوف . أو بدل من قوله : { الذي نَزَّلَ } .

{ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } فهو - سبحانه - منزه عن ذلك وعن كل ما من شأنه أن يشبه الحوادث .

{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } بل هو المالك وحده لكل شىء فى هذا الوجود .

{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } أى : وهو - سبحانه - الذى خلق كل شىء فى هذا الوجود خلقا متقنا حكيما بديعا فى هيئته ، وفى زمانه ، وفى مكانه ، وفى وظيفته ، على حسب ما تقتضيه إرادته وحكمته . وصدق الله إذ يقول : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } فجملة " فقدره تقديرا " بيان لما اشتمل عليه هذا الخلق من إحسان واتقان فهو - سبحانه - لم يكتف بمجرد إيجاد الشىء من العدم ، وإنما أوجده فى تلك الصورة البديعة التى عبر عنها فى آية أخرى بقوله : { . . . صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ . . } قال صاحب الكشاف : فإن قلت : فى الخلق معنى التقدير . فما معنى قوله : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } .

قلت : معناه أنه أحدث كل شىء إحداثا مراعى فيه التقدير والتسوية ، فقدره وهيأه لما يصلح له . مثاله : أنه خلق الإنسان على هذا الشكل المقدر المسوى الذى تراه ، فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به فى بابى الدين والدنيا ، وكذلك كل حيوان وجماد ، جاء به على الجبلة المستوية المقدرة بأمثلة الحكمة والتدبير . . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

أي : الذي أرسلني هو مالك السموات والأرض ، الذي يقول للشيء كن فيكون ، وهو الذي يحيي ويميت ، وهكذا قال هاهنا : { الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ } ، فَنزه نفسه عن الولد ، وعن الشريك .

ثم أخبر أنه : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } أي : كل شيء مما سواه مخلوق مربوب ، وهو خالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه ، وكل شيء تحت قهره [ وتسخيره ]{[21397]} ، وتدبيره وتقديره{[21398]} .


[21397]:- زيادة من ف ، أ.
[21398]:- في ف ، أ : "قهره وتقديره وتسخيره وتدبيره".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

وقوله { الذي له ملك السماوات } الآية هي من الرد على قريش في قولهم : إن لله شريكاً ، وفي قولهم : اتخذ البنات ، وفي قولهم في التلبية : إلا شريك هو لك . وقوله { خلق كل شيء } ، هو عام في كل مخلوق وتقدير الأشياء هو حدها بالأمكنة والأزمان والمقادير والمصلحة والإتقان .