وقوله تعالى : { الذي له ملك السماوات والأرض } إشارة إلى احتياج هذه المخلوقات إليه سبحانه وتعالى حال حدوثها ، وأنه تعالى هو المتصرف فيها كيف يشاء ، فلا إنكار أن يرسل رسولاً إلى كل من فيها .
تنبيه : يجوز في الذي الرفع نعتاً للذي الأول أو بياناً أو بدلاً ، أو خبراً لمبتدأ محذوف والنصب على المدح ، وما بعده يدل على أنه من تمام الصلة ، فليس أجنبياً فلا يضر الفصل به بين الموصول الأول والثاني إذا جعلنا الثاني تابعاً له { ولم يتخذ ولداً } أي : هو الفرد أبداً ولا يصح أن يكون غيره تعالى معبوداً ووارثاً للملك عنه ، وهذا رد على النصارى ، { ولم يكن له شريك في الملك } أي : هو المنفرد بالألوهية ، وإذا عرف العبد ذلك انقطع رجاؤه عن كل من سواه تعالى ولم يشتغل قلبه إلا برحمته وإحسانه ، وفيه ردّ على الوثنية القائلين بعبادة النجوم والأوثان ، ولما نفى تعالى الشريك ، فكأن قائلاً يقول : هاهنا أقوام يعترفون بنفي الشريك والشركاء والأنداد ومع ذلك يقولون : يخلق أفعال أنفسهم ، فرد الله تعالى عليهم بقوله : { وخلق كل شيء } أي : من شأنه أن يخلق ومنه أفعال العباد ، والخلق هنا بمعنى الإحداث أي : أحدث كل شيء إحداثاً مراعى فيه التقدير والتسوية { فقدره تقديراً } أي : هيأه لما يصلح له ، مثاله أنه خلق الإنسان على هذا الشكل المقدر الذي تراه ، فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في بابي الدين والدنيا ، وكذلك كل حيوان وجماد جاء به على الجبلة المستوية المقدرة ، وسمي إحداث الله خلقاً ؛ لأنه لا يحدث شيئاً لحكمة إلا على وجه التقدير من غير تفاوت .
فإذا قيل : خلق الله كذا ، فهو بمنزلة قولك : أحدث وأوجد من غير نظر إلى وجه الاشتقاق ، فكأنه قيل : وأوجد كل شيء فقدره تقديراً في إيجاده ، ولم يوجده متفاوتاً ، ولو حمل خلق كل شيء على معناه الأصلي من التقدير لصار الكلام : وقدر كل شيء فقدره ، فلم يصر له كبير فائدة ، وقيل : فجعل له غاية ومنتهى ومعناه : فقدره للبقاء إلى أمد معلوم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.