مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

{ الذى } رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو على الإبدال من { الذي نزل } وجوز الفصل بين البدل والمبدل منه بقوله { ليكون } لأن المبدل منه صلته { نزل } وليكون تعليل له فكأن المبدل منه لم يتم إلا به أو نصب على المدح { لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض } على الخلوص { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } كما زعم اليهود والنصارى في عزير والمسيح عليهما السلام { وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِى الملك } كما زعمت الثنوية { وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء } أي أحدث كل شيء وحده لا كما يقوله المجوس والثنوية من النور والظلمة ويزدان واهرمن . ولا شبهة فيه لمن يقول إن الله شيء ويقول بخلق القرآن ، لأن الفاعل بجميع صفاته لا يكون مفعولاً له على أن لفظ شيء اختلص بما يصح أن يخلق بقرينة وخلق ، وهذا أوضح دليل لنا على المعتزلة في خلق أفعال العباد { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } فهيأه لما يصلح له بلا خلل فيه كما أنه خلق الإنسان على هذا الشكل الذي تراه فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في الدين والدنيا أو قدره للبقاء إلى أمد معلوم .