فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

ثم إنه سبحانه وصف ذاته الكريمة بصفات أربع .

الأولى : { الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } دون غيره لا استقلالا ، ولا تبعا فهو المتصرف فيهما ، وفيه تنبيه على افتقار الكل إليه في الوجود وتوابعه من البقاء وغيره .

{ وَ } الصفة الثانية : { لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا } فيه رد على اليهود والنصارى .

{ وَ } : { لَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ } فيه رد على طوائف المشركين من الثنوية والوثنية وعباد الأصنام ، وأهل الشرك الخفي . فأثبت له الملك بجميع وجهوهه ، ثم نفى ما يقوم مقامه فيه ، ثم نبه على ما يدل عليه فقال .

{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } من الموجودات مما تطلق عليه صفة المخلوق ، وهي الصفة الرابعة : { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } أي قدر كل شيء مما خلق بحكمته ، على ما أراده وهيأه لما يصلح له ، وسواه تسوية لا اعوجاج فيه ، ولا زيادة على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة ولا نقصا عن ذلك في بابي الدنيا والدين . وقيل : أحدثه إحداثا مراعي فيه التقدير حسب إرادته ، كخلقه الإنسان من مواد مخصوصة وصور وأشكال معينة ، فقدره وهيأه لما أراد منه ، من الخصائص والأفعال أو فقدره للبقاء إلى أجل مسمى .

قال قتادة : بيّن الله لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم . قال الواحدي : قال المفسرون : قدر له تقديرا من الأجل والرزق فجرت المقادير على ما خلق ، وقيل أريد بالخلق هنا مجرد الإحداث والإيجاد مجازا من غير ملاحظة معنى التقدير ، وإن لم يخل عنه في نفس الأمر ، فيكون المعنى أوجد كل شيء فقدره ، لئلا يلزم التكرار هذا أوضح دليل على المعتزلة في خلق أفعال العباد ،