تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

الآية 2 : وقوله تعالى : ]الذي له ملك السموات والأرض [ جائز أن يكون قوله : ]له ملك السموات والأرض[ صلة قوله : ]تبارك الذي نزل الفرقان على عبده[ ووجهها{[14280]} ، والله أعلم : أي تعالى عن أن يكون النذير الذي بعثه إليهم ، إنما بعثه لحاجة نفسه : لجر منفعة إليه أو لدفع مضرة عنه على ( ما يبعث ){[14281]} ملوك الأرض من الرسل لحوائج أنفسهم : إما لجر منفعة إليهم أو لدفع مضرة عنهم .

ولكن إنما يبعث النذير والبشير إلى الخلق لمنافع أنفسهم ، إذ لا يحتمل أن يكون من له ملك السموات والأرض أن يبعث النذير والبشير لمنافع نفسه ولحاجته لغناه .

وأما ملوك الأرض فلا يملكون ذلك ، ويبعثون{[14282]} الرسل ، ويرسلون لمنافع أنفسهم وحوائجهم : لدفع مضرة أو جر منفعة .

وجائز أن يكون قوله : ]تبارك[ أي تعالى عن أن يتخذ ولدا أو شريكا في الملك على ما نسبوا إليه من الولد أو الشريك ، فقال : تعالى عن أن يكون الولد أو الشريك ؛ إذ له ملك السموات والأرض . فالولد في الشاهد إنما يتخذ لإحدى خلال ثلاث ، وقد ذكرنا .

وبعد فإن الولد في الشاهد إنما يكون من جنس الوالد ومن جوهره ، ويكون من أشكاله . وكل ذي شكل تكون فيه منفعة وآفة . و كذلك الشريك إنما يكون من جنسه ومن شكله ، وإنما تقع الحاجة إلى ( الولد أو الشريك إما لعجز أو آفة ){[14283]} .

فإذا كان الله ، سبحانه ، ]الذي له ملك السموات والأرض[ هو خالقها ، فأنى تقع له الحاجة إلى الولد أو الشريك ؟

وقوله تعالى : ]وخلق كل شيء( : فيه دلالة نقض قول المعتزلة لأنه أخبر أنه خلق كل شيء . وعلى قولهم : أكثر الأشياء ، لم يخلقها ، من الحركات والسكون والاجتماع والافتراق{[14284]} وجميع الأعراض ؛ فهم{[14285]} يقولون : إنها ليست بمخلوقة الله ، ولا صنع له فيها .

وقوله تعالى : ]فقدره تقديرا[ جائز أن يكون قوله : ]فقدره تقديرا[ لحكمة ، أو قدره تقديرا لوحدانيته{[14286]} وألوهيته ، أو قدره تقديرا ؛ أي جعل له حدا ؛ لو اجتمع الخلائق على ذلك ما عرفوا قدره ولا حده من صلاح وغيره ما لو لم يقدر ذلك لفسد .


[14280]:في الأصل وم: وحهه.
[14281]:في الأصل وم :يبعث.
[14282]:أدرج بعدها في الأصل وم: من الرسل إنما يبعثو من.
[14283]:في الأصل: إما لعجز لا رأفة، في م: الولد إما لعجز أو آفة.
[14284]:في الأصل وم: والتفرق.
[14285]:في الأصل وم: لأنهم.
[14286]:في الأصل وم: لوحدانية الله تعالى.