قوله : { الذي لَهُ مُلْكُ } يجوز في «الّذِي » الرفع نعتاً للذي الأول{[35283]} ، أو بياناً{[35284]} ، أو بدلاً{[35285]} ، أو خبراً لمبتدأ محذوف{[35286]} ، أو النصب على المدح{[35287]} .
وما بعد بدل من تمام الصلة فليس أجنبياً ، فلا يضر الفصل به بين الموصول الأول والثاني إذا جعلنا الثاني تابعاً له{[35288]} .
{ الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض } إشارة إلى احتياج هذه المخلوقات إليه سبحانه حال حدوثها ، وأنه سبحانه هو المتصرف فيها كيف يشاء{[35289]} .
{ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } أي : هو الفرد أبداً ، ولا يصح أن يكون غيره معبوداً ووارثاً للملك عنه ، وهذا رد على النصارى{[35290]} . { ولم يكن له شريك في الملك } أي : هو المنفرد بالإلهية ، وإذا عرف العبد ذلك انقطع رجاؤه عن كل ما سواه ، ولم يشتغل قلبه إلا برحمته وإحسانه ، وفيه رد على الثنوية ، والقائلين بعبادة النجوم والأوثان{[35291]} .
قوله : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } الخلق هنا عبارة عن الإحداث والتهيئة لما يصلح له ، لا خلل فيه ولا تفاوت حتى{[35292]} يجيء قوله : «فقدره تقديراً » مفيداً{[35293]} إذ لو حملنا { خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } على معناه الأصلي من التقدير لصار الكلام : وقدر كل شيء فقدره{[35294]} .
قوله : { خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } يدل على أنه تعالى خلق الأعمال من وجهين :
الأول : أن قوله : «كل شيء » يتناول جميع الأشياء ، ومن جملتها أفعال العباد .
والثاني : أنه تعالى نفى الشريك ، فكأن قائلاً قال : ههنا أقوام معترفون بنفي الشريك والأنداد ومع ذلك يقولون بخلق أفعال أنفسهم ، فذكر الله تعالى هذه الآية رداً عليهم . قال القاضي : الآية تدل عليه لوجوه :
أحدها : أنه تعالى صرح بكون العبد خالقاً فقال : { وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير } [ المائدة : 110 ] ، وقال : { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] و{[35295]}تمدح بأنه قدره تقديراً ، ولا يجوز أن يريد به إلا الحسن والحكمة دون غيره . فظاهر الآية لا يدل إلا على التقدير ، لأن الخلق عبارة عن التقدير ، فلا يتناول إلا ما يظهر فيه التقدير وهو الأجسام لا الأعراض . والجواب : أن قوله : «إِذْ تَخْلُقُ » ، وقوله : «أَحْسَنُ الخَالِقِينَ » معارض بقوله : { الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [ الزمر : 62 ] وبقوله : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله } [ فاطر : 3 ] وقولهم : لا يجوز التمدح بخلق الفساد ، فالجواب : لم لا يجوز أن يتمدح به من حيث نفاذ القدرة {[35296]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.