المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ} (99)

99- وهم في هذه الدنيا قد تبعتهم لعنة من الله والملائكة والناس ، ويوم القيامة تتبعهم كذلك اللعنة ، لأنها عطاؤهم ، وإنه لعطاء قبيح يثير الشعور بالذنب ، ويقال فيه : بئس هذا العطاء المعطى لهؤلاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ} (99)

{ وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ ْ } أي : في الدنيا { لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ْ } أي : يلعنهم الله وملائكته ، والناس أجمعون في الدنيا والآخرة .

{ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ْ } أي : بئس ما اجتمع لهم ، وترادف عليهم ، من عذاب الله ، ولعنة الدنيا والآخرة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ} (99)

ثم صرح - سبحانه - بلعنهم فى الدارين فقال : { وَأُتْبِعُواْ فِي هذه لَعْنَةً وَيَوْمَ القيامة } . .

أى : إن اللعنة والفضيحة لحقت بهم ، واتبعتهم فى الدنيا وفى الأخرى ، كما قال - تعالى - فى آية أخرى : { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ الدنيا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ المقبوحين } وجملة { بِئْسَ الرفد المرفود } مستأنفة لإِنشاء ذم اللعنة ، والمخصوص بالذم محذوف دل عليه ذكر اللعنة ، أى بئس الرفد هى .

الرفد العطاء والعون يقال رفد فلان فلانا يرفده رفدا أى أعطاه وأعانه على قضاء مصالحه ، أى : بئس العطاء المعطى لهم تلك اللعنة المضاعفة التى لابستهم فى الدنيا والآخرة .

وسميت اللعنة رفدا على سبيل التهكم بهم ، كما فى قول القائل : تحية بينهم ضرب وجيع . فكأنه - سبحانه - يقول : هذه اللعنة هى العطاء المعى من فرعون لأتباعه الذين كانوا من خلفه كقطيع الأغنام الذى يسير خلف قائده بدون تفكر أو تدبر . . .

وبئس العطاء عطاؤه لهم . . .

وإلى هنا تكون هذه السورة الكريمة قد حدثتنا عن قصة نوح مع قومه ، وعن قصة هود مع قومه ، وعن قصة صالح مع قومه ، وعن قصة إبراهيم مع الملائكة ، وعن قصة لوط مع قومه ومع الملائكة ، وعن قصة شعيب مع قومه ، وعن قصة موسى مع فرعون وملئه .

ويلاحظ أن السورة الكريمة قد ساقت لنا تلك القصص حسب ترتيبها التاريخى والزمنى ، لأهداف من أهمها :

1 - إبراز وحدة العقيدة فى دعوة الأنبياء جميعا ، فكل نبى قد قال لقومه : اعبدوا اله مالكم من إله غيره . . . ثم يسوق لهم الأدلة على صدقه فيما بلغه عن ربه .

2 - إبراز أن الناس فى كل زمان ومكان فيهم الأخيار الذين يتبعون الرسل ، وفيهم الأشرار الذين يحاربون الحق . . .

3 - بيان العاقبة الحسنة التى انتهى إليها المؤمنون بسبب إيمانهم وصدقهم وعملهم الصالح . . . والعاقبة السيئة التى انتهى إليها الكافرون بسبب كفرهم وإعراضهم عن الحق . . .

قال - تعالى - { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصيحة وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ} (99)

وقوله : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ } أي : أتبعناهم زيادة على ما جازيناهم من عذاب النار لعنة في هذه الحياة الدنيا ، { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ } .

قال مجاهد : زيدوا لعنة يوم القيامة ، فتلك لعنتان .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ } قال : لعنة الدنيا والآخرة ، وكذا قال الضحاك ، وقتادة ، وهكذا قوله{[14899]} تعالى : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } [ القصص : 41 ، 42 ] ، وقال تعالى : { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } [ غافر : 46 ] .


[14899]:- في ت ، أ : "وهذا كقوله".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ} (99)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأُتْبِعُواْ فِي هََذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرّفْدُ الْمَرْفُودُ } .

يقول الله تعالى ذكره : وأتبعهم الله { في هذه } ، يعني : في هذه الدنيا مع العذاب الذي عجله لهم فيها من الغرق في البحر ، لعنته . { وَيَوْمَ القِيامَة } ، يقول : وفي يوم القيامة أيضا يلعنون لعنة أخرى . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد : { وأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيامَةِ } ، قال : لعنة أخرى .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيامَةِ } ، قال : زيدوا بلعنته لعنة أخرى ، فتلك لعنتان .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيامَةِ بِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ } ، اللعنة في أثر اللعنة .

قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيامَةِ قال : زيدوا لعنة أخرى ، فتلك لعنتان .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { فِي هَذِهِ } ، قال : في الدنيا ، { وَيَوْمَ القِيامَةِ } ، أردفوا بلعنة أخرى زيدوها ، فتلك لعنتان .

وقوله : { بِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ } ، يقول : بئس العون المعان اللعنة المزيدة فيها أخرى منها . وأصل الرفد : العون ، يقال منه : رفد فلان فلانا عند الأمير يرفده رفدا بكسر الراء ، وإذا فُتحت ، فهو السّقي في القدح العظيم ، والرّفد : القدح الضخم ، ومنه قول الأعشى :

رُبّ رَفْدٍ هَرَقْتَهُ ذلكَ اليَوْ *** مَ وأسْرَى مِنْ مَعْشَرٍ أقْتالِ

ويقال : رفد فلان حائطه ، وذلك إذا أسنده بخشبة لئلا يسقط . والرّفد بفتح الراء : المصدر ، يقال منه : رَفَدَهُ يَرْفِده رِفْدا . والرّفد : اسم الشيء الذي يُعطاه الإنسان وهو المَرْفد .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { بِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ } ، قال : لعنة الدنيا والاَخرة .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { بِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ } ، قال : لعنهم الله في الدنيا ، وزيد لهم فيها اللعنة في الاَخرة .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وَيَوْم القِيامَةِ بِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ } ، قال : لعنة في الدنيا ، وزيدوا فيها لعنة في الاَخرة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { وأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيامَةِ بِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ } ، يقول : ترادفت عليهم اللعنتان من الله : لعنة في الدنيا ، ولعنة في الاَخرة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : أصابتهم لعنتان في الدنيا ، رفدت إحداهما الأخرى ، وهو قوله : { وَيَوْمَ القِيامَة بِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأُتۡبِعُواْ فِي هَٰذِهِۦ لَعۡنَةٗ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ} (99)

الإتْبَاع : الإلحاق .

واللعنة : هي لعنة العذاب في الدّنيا وفي الآخرة .

و { يوم القيامة } متعلق ب { أتبعوا } ، فعلم أنّهم أتبعوا لعنة يوم القيامة ، لأنّ اللّعنة الأولى قيّدت بالمجرور بحرف { في } الظرفية ، فتعيّن أنّ الإتباع في يوم القيامة بلعنة أخرى .

وجملة { بئس الرفد المرفود } مستأنفة لإنشاء ذمّ اللّعنة . والمخصوص بالذمّ محذوف دل عليه ذكر اللّعنة ، أي بئس الرفد هي .

والرفد بكسر الرّاء اسم على وزن فِعل بمعنى مفعول مثل ذبح ، أي ما يرفد به . أي يُعطى . يقال : رفده إذا أعطاه ما يعينه به من مال ونحوه .

وفي حذف المخصوص بالمدح إيجاز ليكون الذمّ متوجّهاً لإحدى اللّعنتين لا على التعيين لأنّ كلتيهما بَئيس .

وإطلاق الرّفد على اللّعنة استعارة تهكّمية ، كقول عمرو بن معد يكرب :

تحية بينهم ضرب وجيع

والمرفود : حقيقته المعطَى شيئاً . ووصف الرفد بالمرفود لأنّ كلتا اللّعنتين معْضودة بالأخرى ، فشبّهت كل واحدة بمَن أعطي عطاء فهي مرفودة . وإنما أجري المرفود على التذكير باعتبار أنّه أطلق عليه رفد .