المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

23- فأقسم برب السماء والأرض : إن كل ما تنكرون من وقوع البعث والجزاء وتعذيب المكذبين وإثابة المتقين لثابت مثل نطقكم الذي لا تشكون في وقوعه منكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

فلما بين الآيات ونبه عليها تنبيهًا ، ينتبه به الذكي اللبيب ، أقسم تعالى على أن وعده وجزاءه حق ، وشبه ذلك ، بأظهر الأشياء [ لنا ] وهو النطق ، فقال : { فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } فكما لا تشكون في نطقكم ، فكذلك لا ينبغي الشك في البعث بعد الموت{[848]} .


[848]:- في ب: فكذلك ينبغي أنلايعتريكم الشك في البعث والجزاء.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات بهذا القَسَم فقال : { فَوَرَبِّ السمآء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } .

والضمير فى قوله { إِنَّهُ } يعود إلى ما سبق الإخبار عنه من أمر البعث والحساب والجزاء والرزق . . . وغير ذلك مما يدل على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر به عن ربه .

ولفظ " مثل " منصوب بنزع الخافض ، و " ما " مزيدة للتأكيد أى : فوحق رب السماء والأرض ، إن جميع ما ذكرناه لكم فى هذه السورة ، أو فى هذا القرآن ، حق ثابت لا مرية فيهن كمثل نطقكم الذى تنطقونه بألسنتكم دون أن تشكوا فى كونه قد صدر منكم لا عن غيركم .

فالمقصود بالآية الكريمة ، تأكيد صدق ما أخبر به الله - تعالى - عباده فى هذه السورة وغيرها ، لأن نطقهم بألسنتهم حقيقة لا يجادل فيها مجادل ، وكذلك ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عند ربه ، وما تلاه عليهم فى هذه السورة وغيرها ، حق ثابت لا ريب فيه .

وهكذا نرى هذه الآيات قد بشرت المتقين بألوان من البشارات ، ثم لفتت عقول الناس إلى ما فى الأرض وإلى ما فى أنفسهم وإلى ما فى السماء من عظات وعبر

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

وقوله : { فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } يقسم تعالى بنفسه الكريمة أن ما وعدهم به من أمر القيامة والبعث والجزاء ، كائن لا محالة ، وهو حق لا مرية فيه ، فلا تشكوا فيه كما لا تشكوا في نطقكم حين تنطقون . وكان معاذ ، رضي الله عنه ، إذا حدث بالشيء يقول لصاحبه : إن هذا لحق كما أنك هاهنا .

قال مسدد ، عن ابن أبي عَدِيّ ، عن عَوْف ، عن الحسن البصري قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قاتل الله أقوامًا أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا " .

ورواه ابن جرير ، عن بُنْدَار ، عن ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن ، فذكره مرسلا {[27434]} .


[27434]:- (4) تفسير الطبري (26/127).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَوَرَبّ السّمَآءِ وَالأرْضِ إِنّهُ لَحَقّ مّثْلَ مَآ أَنّكُمْ تَنطِقُونَ } .

يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه : فوربّ السماء والأرض ، إن الذي قلت لكم أيها الناس : إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ ، كما حقّ أنكم تنطقون . وقد :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن عوف ، عن الحسن ، في قوله : فَوَرَبّ السّماءِ والأرْضِ إنّهُ لَحَقّ مِثْلَ ما أنّكُمْ تَنْطِقُونَ قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه » وقال الفرّاء : للجمع بين «ما » و«إنّ » في هذا الموضع وجهان : أحدهما : أن يكون ذلك نظير جمع العرب بين الشيئين من الأسماء والأدوات ، كقول الشاعر في الأسماء :

مِنَ النّفَرِ اللاّئِي الّذِينَ إذَا هُمُ *** يَهابُ اللّئامُ حَلْقَةَ الباب قَعْقَعُوا

فجمع بين اللائي والذين ، وأحدهما مجزيء من الاَخر وكقول الاَخر في الأدوات :

ما إنْ رأيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِهِ *** كالْيَوْمِ طالِيَ أَيْنُقٍ جُرْبِ

فجمع بين «ما » وبين «إن » ، وهما جحدان يجزيء أحدهما من الاَخر . وأما الاَخر : فهو لو أن ذلك أفرد بما ، لكان خبرا عن أنه حقّ لا كذب ، وليس ذلك المعنيّ به . وإنما أُريد به : إنه لحقّ كما حقّ أن الاَدميّ ناطق . ألا ترى أن قولك : أحقّ منطقك ، معناه : أحقّ هو أم كذب ، وأن قولك أحق أنك تنطق معناه للاستثبات لا لغيره ، فأدخلت «أن » ليفرّق بها بين المعنيين ، قال : فهذا أعجب الوجهين إليّ .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : مِثْلَ ما أنّكُمْ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة مِثْلَ ما نصبا بمعنى : إنه لحقّ حقا يقينا كأنهم وجهوها إلى مذهب المصدر . وقد يجوز أن يكون نصبها من أجل أن العرب تنصبها إذا رفعت بها الاسم ، فتقول : مثل من عبد الله ، وعبد الله مثلك ، وأنت مثلُه ، ومثلَهُ رفعا ونصبا . وقد يجوز أن يكون نصبها على مذهب المصدر ، إنه لحقّ كنطقكم . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ، وبعض أهل البصرة رفعا «مِثْلُ ما أنّكُمْ » على وجه النعت للحقّ .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

{ فورب السماء والأرض إنه لحق } وعلى هذا فالضمير ل { ما } وعلى الأول يحتمل أن يكون له ولما ذكر من أمر الآيات والرزق والوعد . { مثل ما أنكم تنطقون } أي مثل نطقكم كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا تشكوا في تحقيق ذلك . ونصبه على الحال من المستكن في لحق أو الوصف لمصدر محذوف أي أنه لحق حقا مثل نطقكم . وقيل إنه مبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو ما إن كانت بمعنى شيء ، وإن بما في حيزها إن جعلت زائدة ومحله الرفع على أنه صفة { لحق } ، ويؤيده قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر بالرفع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

ثم أقسم تعالى بنفسه على صحة هذا القول والخبر وشبهه في اليقين به بالنطق من الإنسان ، وهو عنده في غاية الوضوح ، ولا يمكن أن يقع فيه اللبس ما يقع في الرؤية والسمع ، بل النطق أشد تخلصاً من هذه واختلف القراء في قوله : { مثل ما } ، فقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر «مثلُ » بالرفع ، ورويت عن الحسن وابن أبي إسحاق والأعمش بخلاف عنهم .

وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر وأهل المدينة وجل الناس : «مثلَ » بالنصب ، فوجه الأولى الرفع على النعت ، وجاز نعت النكرة بهذا الذي قد أضيف إلى المعرفة من حرث كان لفظ مثل شائعاً عاماً لوجوه كثيرة ، فهو لا تعرفه الإضافة إلى معرفة ، لأنك إذا قلت : رأيت مثل زيد فلم تعرف شيئاً ، لأن وجوه المماثلة كثيرة ، فلما بقي الشياع جرى عليه حكم النكرة فنعتت به النكرة . و { ما } زائدة تعطي تأكيداً ، وإضافة «مثل » هي إلى قوله : { إنكم } . ووجه قراءة النصب أحد ثلاثة وجوه : إما أن يكون مثل قد بني لما أضيف إلى غير متمكن وهو في موضع رفع على الصفة { لحق } ولحقه البناء ، لأن المضاف إليه قد يكسب المضاف بعض صفته كالتأنيث في قوله :

شرقت صدر القناة . . . {[10594]}

ونحوه ، وكالتعريف في غلام زيد إلى غير ذلك ، ويجري «مثلَ » حينئذ مجرى { عذاب يومئذ }{[10595]} [ المعارج : 11 ] على قراءة من فتح الميم ، ومنه قول الشاعر [ النابغة الذبياني ] : [ الطويل ]

على حين عاتبت المشيب على الصبا . . . {[10596]}

ومنه قول الآخر : [ البسيط ]

لم يمنع الشرب منها غير أن هتفت . . . {[10597]}

ف «غير » فاعلة ولكنه فتحها . والوجه الثاني وهو قول المازني إن «مثلَ » بني لكونه مع { ما } شيئاً واحداً ، وتجيء على هذا في مضمار ويحما وأينما ، ومنه قول حميد بن ثور : [ الطويل ]

ألا هيما مما لقيت وهيما . . . وويهاً لمن لم يدر ما هن ويحما{[10598]}

فلولا البناء وجب أن يكون منوناً ، وكذلك قول الشاعر [ حسان بن ثابت ] : [ الطويل ]

فأكرم بنا أماً وأكرم بنا ابنما . . . {[10599]}

والوجه الثالث : أن تنصب «مثل » على الحال من قوله : { لحق } وهي حال من نكرة وفيه خلاف لكن جوز ذلك الجرمي ، وأما غيره فيراه حالاً من الذكر{[10600]} المرفوع في قوله { لحق } لأن التقدير { لحق } هو ، وفي هذا نظر . والنطق في هذه الآية : الكلام بالحروف والأصوات في ترتيب المعاني . وروي أن بعض الأعراب الفصحاء سمع هذه الآية فقال : من أحوج الكريم إلى أن يحلف ؟ والحكاية وقعت في كتاب الثعلبي وسبل الخيرات متممة عن الأصمعي ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «قاتل الله قوماً أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدقوه »{[10601]} وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لو فر أحدكم من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت »{[10602]} وأحاديث الرزق والأشعار فيه كثيرة .


[10594]:هذه الجملة جزء من بيت قاله الأعشى ميمون بن قيس، ويسمى صنّاجة العرب، أدرك الإسلام ولم يسلم، والبيت من الطويل، وهو بتمامه: وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم ومعنى أذعته: أفشيته وأعلنته، والقناة: الرمح، وشرق بريقه إذا غص وهو من باب علِم يعلم، وقد استشهد به المؤلف على أن المضاف إليه قد يُكسب المضاف بعض صفاته كالتأنيث، فالقناة مؤنث، وصدر مذكر، ولكن لما أضيف إلى القناة اكتسب منها التأنيث ولهذا أنث الفعل "شرق" فلحقت به تاء التأنيث فقيل:"شرقت"، والقياس أن يقال:"شرق صدر". ومثل هذا كثير في اللغة.
[10595]:من قوله تعالى في الآية(11) من سورة(المعارج):{يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه} في قراءة نصب الميم، ومعنى هذا أنها مبنية على الفتح لنها مضافة إلى مبني، قال الخليل في كتاب سيبويه تعليلا لنصب الذي في موضع الرفع:"هذا كنصب بعضهم"يومئذ" في كل موضع، ومثل هذه الآية قوله تعالى:{فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ}.
[10596]:هذا صدر بيت للنابغة الذبياني، والبيت بتمامه: على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت: ألما أصح والشيب وازع؟ وهو في الديوان، وابن الشجري، والإنصاف، وشرح شواهد المغني، وابن يعيش، والمنصف، وخزانة الأدب، والهمع، وشرح شواهد العيني. والوازع: الزاجر الناهي، وقد أسند الوزع إلى الشيب تجوزا، يقول: إنه بكى على الديار في وقت مشيبه ومعاتبته لنفسه على هذا الضرب، أي: عاتبت نفسي على الصبا لمكان شيبتي. والشاهد في "حين" لأنه بني على الفتح لإضافته إلى فعل بناؤه لازم وهو زمان مبهم، فهو ظرف، والمعنى: في وقت عاتبت، كقوله تعالى:{ودخل المدينة على حين غفلة} أي: في وقت غفلة. قال النحويون: ويجوز كسره للإعراب، ولكن المختار والأرجح بناؤه إذا تلاه فعل مبني للتناسب بينهما، قال سيبويه:"كأنه جعل (حين) و(عاتبت) شيئا واحدا"،ومثله قول الشاعر: لأجتذبن منهن قلبي تحلما على حين يستصبين كل حليم إلا أن بناء الفعل في البيت الأول لازم، وفي البيت الثاني عارض.
[10597]:هذا صدر بيت، وهو بتمامه: لم يمنع الشرب منها غير أن هتفت حمامة في غصون ذات أوقالد وهذا البيت مختلف في نسبته-فقيل: هو لأبي قيس بن الأسلت"صيفي بن عامر"، وقيل: لقيس بن رفاعة، وقيل: للشماخ"معقل بن ظرار"، وليس في ديوانه، وهو في خزانة الأدب، واللسان-وكتاب سيبويه، ومغني اللبيب، وانظر أيضا ابن يعيش، والتصريح، وابن الشجري، والهمع. والضمير في "منها" يعود على الوجناء وهي الناقة في بيت قبله، وفي البيت قلب، إذ أصل الكلام:"لم يمنعها من الشرب" فقال بعد القلب:"لم يمنع الشرب منها"، ويروى"نطقت" بدلا من "هتفت"، ويروى:"في سحوق" بدلا من "غصون"، والسَّحوق: ما طال من شجر الدوم، والأوقال: جمع وقل، والوقل ثمار شجر الدوم كما قال في اللسان، والشاهد في البيت هنا أن"غير" فاعل ولكنها رويت بفتح الراء، ومعنى هذا أنها مبنية على الفتح لأنها مضافة إلى مبني غير متمكن، ومعنى البيت أن هذه الناقة أرادت الشرب ولكن منعها منه أنها سمعت صوت حمامة في الغصون فنفرت وخافت، يصفها بأنها حديدة النفس، شديدة الحذر، دائمة الفزع.
[10598]:هذا البيت في اللسان، و"هي" كلمة معناها التأسف والأسى، وقيل: التعجب، و"ما" في موضع رفع زائدة، قال ابن بري: ومنه قول حميد الأرقط: ألا هيما... البيت، وقال الكسائي:"ومن العرب من يتعجب بهي وفيّ وشيّ، ومنهم من يزيد"ما" فيقول: يا هيما ويا فيّما ويا شيّما، أي: ما أحسن هذا"، وقيل: بل تلهف، و"ويح" كلمة تقال رحمة، وكذلك"ويحما"، قال الليث:"ويح كلمة رحمة لمن تنزل به بلية، وربما جعلت مع"ما" كلمة واحدة فقيل: ويحما"، ومعنى هذا أن [مثل] في الآية ركبت مع[ما] في كلمة واحدة كما جعلت "ويح" مع"ما" في البيت.
[10599]:هذا عجز بيت قاله حسّان بن ثابت من قصيدة له في الفخر مطلعها: ألم تسأل الربع الجديد التكلما بمدفع أشداخ فبُرقه أظلما والبيت بتمامه: ولدنا بني العنقاء وابني مُحرق فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما وقد ورد الشطر الثاني في الأصول:"فأكرم بها أما وأكرم بنا ابنما"، والتصويب عن الديوان واللسان. والعنقاء: ثعلبة بن عمرو مُزيقياء بن عامر بن ماء السماء، ومُحرق هو الحارث بن عمرو مزيقياء، وكان أول من عاقب بالنار، وقال الكلبي: سمي عمرو بن هند مُحرقا لأن سويد بن ربيعة التميمي قتل أخالا له ثم هرب، فقتل ابن هند سبعة من ولد سويد، وأقسم ليقتلن مائة من بني تميم، فبلغ ثمانية وتسعين أحرقهم بالنار، وصادف أن أقبل رجل من البراجم حين رأى الدخان ساطعا وهو يحسب الطعام يُعمل-والبراجم جماعة من بني تميم تحالفوا وقالوا: نكون كبراجم اليد، أي مفاصلها-فلما دنا الرجل من النار قيل له: ممن أنت؟ قال: من البراجم، فقال ابن هند:"إن الشقي وافد البراجم" وألقاه في النار، فذهب قوله مثلا، وتحلل من يمينه بالحمراء بنت ضمرة النهشلية تتمة المائة. أما"ابنما" فهي "ابن" زيدت عليها الميم كما زيدت في (شدقم وزرقم وشجعم) لنوع من الحيات، ويجوز عند إعراب "ابنم" أن تعرب الميم وحدها لأنها صارت آخر الاسم، وتبقى النون والميم، وابن عطية يستشهد بالبيت لأن"ابن" بُنيت مع"ما" فصارتا معا كلمة واحدة، وجاءت"ابن" مفتوحة على الرأي الأول الذي ذكرناه في الإعراب.
[10600]:يعني/ من ضمير الذِّكر، والذِّكر هو القرآن، إذ تقدير الكلام: إن الذكر لحق.
[10601]:أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله تعالى:{فورب السماء والأرض} الآية.(الدر المنثور).
[10602]:قال القرطبي بعد أن ذكر هذا الحديث:"أسنده الثعلبي".