المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

افتتحت هذه السورة بإخباره تعالى أنه يسبح له ما في السماوات وما في الأرض ، وقد امتن جل شأنه على العرب الأميين أنه بعث رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ، وإن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء .

وقد نعى الله تعالى على اليهود تركهم العمل بالتوراة مع علمهم بما فيها ، وأنكر عليهم دعواهم أنهم أولياء الله من دون الناس ، وتحداهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين . وختمت السورة بأمر المؤمنين أن يبادروا إلى صلاة الجمعة إذا سمعوا النداء ، وأن يذروا البيع ، وإذا قضيت الصلاة ينتشرون في الأرض ويبتغون من فضل الله ، وأنكر عليهم أن يشغلهم عن سماع خطبتها شاغل من تجارة أو لهو ، وتكفل لهم بالرزق ، والله خير الرازقين .

1- يُسبح لله وينزِّهه عما لا يليق به كل ما في السماوات وما في الأرض . المالك لكل شيء . المتصرف فيه بلا منازع ، المنزه تنزيهاً كاملاً عن كل نقص ، الغالب على كل شيء ، ذي الحكمة البالغة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الجمعة [ وهي ] مدنية

{ 1 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }

أي : يسبح لله ، وينقاد لأمره ، ويتألهه ، ويعبده ، جميع ما في السماوات والأرض ، لأنه الكامل الملك ، الذي له ملك العالم العلوي والسفلي ، فالجميع مماليكه ، وتحت تدبيره ، { الْقُدُّوسُ } المعظم ، المنزه عن كل آفة ونقص ، { الْعَزِيزُ } القاهر للأشياء كلها ، { الْحَكِيمُ } في خلقه وأمره .

فهذه الأوصاف العظيمة مما تدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الجمعة " من السور المدنية الخالصة .

قال الآلوسي : هي مدنية ، كما روى عن ابن عباس وابن الزبير ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، وإليه ذهب الجمهور .

وقال ابن يسار : هي مكية ، وحكى ذلك عن ابن عباس ومجاهد : والأول هو الصحيح . لما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة ، فتلاها ، فلما بلغ [ وآخرين منهم لما يلحقوا بهم . . . ] قال له رجل : يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا ؟ فوضع صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ، وقال : " والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء . . . " .

ومن المعروف أن إسلام أبي هريرة كان بعد الهجرة بمدة بالاتفاق . . ( {[1]} ) .

2- وعدد آياتها إحدى عشرة آية ، وكان نزولها بعد سورة " التحريم " ، وقبل سورة " التغابن " .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقرؤها في صلاة الجمعة ، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة " الجمعة والمنافقون " .

وأخرج ابن حيان والبيهقي عن جابر بن سمرة أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة بسورة " الكافرون " وبسورة " قل هو الله أحد . . . " ، وكان يقرأ في صلاة العشاء الأخيرة من ليلة الجمعة ، بسورة " الجمعة " ، وبسورة " المنافقون " . . وسميت بهذا الاسم لحديثها عن يوم الجمعة ، وعن وجوب السعي إلى صلاتها .

3- وقد اشتملت السورة الكريمة ، على الثناء على الله –عز وجل- ، وعلى مظاهر نعمه على عباده ، حيث أرسل فيهم رسولا كريما ، ليزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة . . .

كما اشتملت على توبيخ اليهود وذمهم ، لعدم عملهم بالكتاب الذي أنزله –سبحانه- لهدايتهم وإصلاح حالهم . .

كما اشتملت على دعوة المؤمنين ، إلى المحافظة على صلاة الجمعة ، وعلى المبادرة إليها دون أن يشغلهم عنها شاغل .

نسأل الله –تعالى- أن يجعلنا من المحافظين على فرائضه وتكاليفه .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . .

القاهرة

5 من شوال 1406 ه

11/6/1986 م

د . محمد سيد طنطاوي

افتتحت سورة " الجمعة " كغيرها من أخواتها " المسبحات " بالثناء على الله - تعالى - وببيان أن المخلوقات جميعها ، تسبح بحمده - تعالى - وتقدس له .

والتسبيح : تنزيه الله - تعالى - عما لا يليق به ، اعتقادا وقولا وعملا مأخوذ من السبح وهو المر السريع فى الماء أو الهواء ، لأن المسبح لله ، - تعالى - مسرع فى تنزيهه - تعالى - وتبرئته من كل سوء .

وقوله : { القدوس } من التقديس بمعنى والتطهير وغير ذلك من صفات الكمال .

أى : أن التسبيح : نفى ما لا يليق بذاته - تعالى - ، والتقديس : إثبات ما يليق بجلاله - سبحانه - والمعنى : ينزه الله - تعالى - ويبعده عن كل نقص ، جميع ما فى السموات ، وجميع ما فى الأرض من مخلوقات ، فهو - سبحانه - { الملك } أى : المدبر لشئون هذا الكون ، المتصرف فيه تصرف المالك فيما يملكه . . .

{ القدوس } أى : البليغ فى الطهارة وفى التنزه عن كل نقص ، من القُدْس - ضم القاف وسكون الدال - بمعنى الطهر ، وأصله القَدَس - بفتح القاف والدال - وهو الإناء الذى يكون فيه ما يتطهر به ، ومنه القادوس وهو إناء معروف .

{ العزيز } الذى لا يغلبه غالب { الحكيم } فى كل أقواله وأفعاله وتصرفاته .

هذا ، ومن الآيات الكثيرة الدالة على أن جميع من فى السموات ومن فى الأرض ، يسبحون لله - تعالى - قوله - عز وجل - : { تُسَبِّحُ لَهُ السماوات السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً . . }


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مدنية .

عن ابن عباس ، وأبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين . رواه مسلم في صحيحه{[1]} .

يخبر تعالى أنه يُسبّح له ما في السموات وما في الأرض ، أي : من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها ، كما قال : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } [ الإسراء : 44 ]

ثم قال : { الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ } أي : هو مالك السموات والأرض المتصرف فيهما بحكمه ، وهو { الْقُدُّوسِ } أي : المنزه عن النقائص ، الموصوف بصفات الكمال { الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } تقدم تفسيره غير مرة .


[1]:زيادة من أ.