المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

2- إنا أنزلنا على رسولنا بلغتكم - أيها العرب - كلاماً عربياً يُقرأ ويحفظ ، لكي تفهموه وتبلغوا الناس ما فيه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

ومن بيانه وإيضاحه : أنه أنزله باللسان العربي ، أشرف الألسنة ، وأبينها ، [ المبين لكل ما يحتاجه الناس من الحقائق النافعة ]{[440]}  وكل هذا الإيضاح والتبيين { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ْ } أي : لتعقلوا حدوده وأصوله وفروعه ، وأوامره ونواهيه .

فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم واتصفت قلوبكم بمعرفتها ، أثمر ذلك عمل الجوارح والانقياد إليه ، و { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ْ } أي : تزداد عقولكم بتكرر المعاني الشريفة العالية ، على أذهانكم ، . فتنتقلون من حال إلى أحوال أعلى منها وأكمل .


[440]:زيادة من هامش: ب.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

ثم بين - سبحانه - الحكمة من إنزاله بلسان عربى مبين فقال : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } .

أى : إنا أنزلنا هذا الكتاب الكريم على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بلسان عربى مبين ، لعلكم أيها المكلفون بالإِيمان به ، تعقلون معانيه ، وتفهمون ألفاظه ، وتنتفعون بهداياته ، وتدركون أنه ليس من كلام البشر ، وإنما هو كلام خالق القوى والقدر وهو الله - عز وجل - .

فالضمير في " أنزلناه " يعود إلى الكتاب ، وقرآنا حال من هذا الضمير أو بدلا منه .

والتأكيد بحرف إن متوجه إلى خبرها وهو أنزلناه ، للرد على أولئك المشركين الذين أنكروا أن يكون هذا القرآن من عند الله .

وجملة { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } بيان لحكمة إنزاله بلغة العرب وحذف مفعول " تعقلون " للإِشارة إلى أن نزلوه بهذه الطريقة ، يترتب عليه حصول تعقل أشياء كثيرة لا يحصيها العد .

قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : قوله : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات ، وأبينها وأوسعها ، وأكثرها تأدية للمعانى التي تقوم بالنفوس ، فلهذا أنزل أشرف الكتب ، بأشرف اللغات ، على أشرف الرسل ، بسفارة أشرف الملائكة ، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض ، وفى أشرف شهور السنة ، فكمل له الشرف من كل الوجوه .

وقال الجمل : " واختلف العلماء هل يمكن أن يقال : في القرآن شئ غير عربى " .

قال أبو عبيدة : من قال بأن في القرآن شئ غير عربى فقد أعظم على الله القول . واحتج بهذه الآية .

وروى عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة بأن فيه من غير العربى مثل : سجيل ، والمشكاة ، واليم ، وإستبرق ونحو ذلك .

وهذا هو الصحيح المختار ، لأن هؤلاء أعلم من أبى عبيدة بلسان العرب . وكلا القولين صواب - إن شاء الله - .

ووجه الجمع بينهما أن هذه الألفاظ لما تكلمت بها العرب ، ودارت على ألسنتهم صارت عربية فصيحة ، وإن كانت غير عربية في الأصل ، لكنهم لما تكلموا بها نسبت إليهم ، وصارت لهم لغة ، فظهر بهذا البيان صحة القولين ، وأمكن الجمع بينهما .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )

ولقد نزله الله كتابا عربيا مؤلفا من هذه الأحرف العربية المعروفة :

( لعلكم تعقلون ) .

وتدركون أن الذي يصنع من الكلمات العادية هذا الكتاب المعجز لا يمكن أن يكون بشرا ، فلا بد عقلا أن يكون القرآن وحيا . والعقل هنا مدعو لتدبر هذه الظاهرة ودلالتها القاهرة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

استئناف يفيد تعليل الإبانة من جهتي لفظه ومعناه ، فإنّ كونه قرآناً يدل على إبانة المعاني ، لأنّه ما جعل مقروءاً إلاّ لما في تراكيبه من المعاني المفيدة للقارىء .

وكونه عربياً يفيد إبانة ألفاظه المعانيَ المقصودة للّذين خوطبوا به ابتداء ، وهم العرب ، إذ لم يكونوا يتبيّنون شيئاً من الأمم التي حولهم لأنّ كتبهم كانت باللغات غير العربية .

والتّأكيد ب ( إنّ ) متوجّه إلى خبرها وهو فعل { أنزلناه } ردّاً على الذين أنكروا أن يكون منزلاً من عند الله .

وضمير { أنزلناه } عائد إلى { الكتاب } في قوله : { الكتاب المبين [ سورة يوسف : 1 ] .

وقرآناً } حال من الهاء في { أنزلناه } ، أي كتاباً يقرأ ، أي منظماً على أسلوب معدّ لأنْ يقْرأ لا كأسلوب الرسائل والخطب أو الأشعار ، بل هو أسلوب كتاب نافع نفعاً مستمراً يقرأه الناس .

و { عربيّاً } صفة ل { قرآناً } . فهو كتاب بالعربيّة ليس كالكتب السّالفة فإنّه لم يسبقه كتاب بلغة العرب .

وقد أفصح عن التعليل المقصود جملة { لعلّكم تعقلون } ، أي رجاء حصول العلم لكم من لفظه ومعناه ، لأنّكم عرب فنزوله بلغتكم مشتملاً على ما فيه نفعكم هو سبب لعقلكم ما يحتوي عليه ، وعُبّرَ عن العلم بالعقل للإشارة إلى أنّ دلالة القرآن على هذا العلم قد بلغت في الوضوح حدّ أن ينزّل من لم يَحصل له العلم منها منزلة من لا عقل له ، وأنّهم ما داموا معرضين عنه فهم في عداد غير العقلاء .

وحذف مفعول { تعقلون } للإشارة إلى أنّ إنزاله كذلك هو سبب لحصول تعقل لأشياء كثيرة من العلوم من إعجاز وغيره .

وتقدّم وَجه وقوع ( لعلّ ) في كلام الله تعالى ، ومحمل الرجاء المفاد بها على ما يؤول إلى التعليل عند قوله تعالى : { ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلّكم تشكرون } في سورة البقرة ( 52 ) ، وفي آيات كثيرة بعدها بما لا التباس بعده .