الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

قوله تعالى : " إنا أنزلناه قرآنا عربيا " يجوز أن يكون المعنى : إنا أنزلنا القرآن عربيا ، نصب " قرآنا " على الحال ، أي مجموعا . و " عربيا " نعت لقوله " قرآنا " . ويجوز أن يكون توطئة للحال ، كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا ، و " عربيا " على الحال ، أي يقرأ بلغتكم يا معشر العرب . أعرب بين ، ومنه ( الثيب تعرب عن نفسها ) . " لعلكم تعقلون " أي لكي تعلموا معانيه ، وتفهموا ما فيه . وبعض العرب يأتي بأن مع " لعل " تشبيها بعسى . واللام في " لعل " زائدة للتوكيد ، كما قال الشاعر{[8928]} :

يا أبتَا علَّكَ أو عَسَاكَا

وقيل : " لعلكم تعقلون " أي لتكونوا على رجاء من تدبره ، فيعود معنى الشك إليهم لا إلى الكتاب ، ولا إلى الله عز وجل . وقيل : معنى " أنزلناه " أي أنزلنا خبر يوسف ، قال النحاس : وهذا أشبه بالمعنى ؛ لأنه يروى أن اليهود قالوا : سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر ؟ وعن خبر يوسف ، فأنزل الله عز وجل هذا بمكة موافقا لما في التوراة ، وفيه زيادة ليست عندهم . فكان هذا للنبي صلى الله عليه وسلم - إذ أخبرهم ، ولم يكن يقرأ كتابا [ قط ]{[8929]} ولا هو في موضع كتاب - بمنزلة إحياء عيسى عليه السلام الميت على ما يأتي فيه .


[8928]:الرجز للعجاج، وصدر البيت. تقول بنتي قد أنى أناكا
[8929]:من ع.