إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

{ إِنَّا أنزلناه } أي الكتابَ المنعوتَ بما ذكر من النعوت الجليلةِ ، فإن كان عبارةً عن الكل وهو الأظهرُ الأنسبُ بقوله تعالى : { قُرْآناً عَرَبِيّاً } إذ هو المشهورُ بهذا الاسم المعروفِ بهذا النعت المتسارعِ إلى الفهم عند إطلاقِهما فالأمرُ ظاهرٌ ، وإنْ جُعل عبارةً عن السورة فتسميتُها قرآناً لما عَرفته فيما سلف ، والسرُّ في ذلك أنه اسمُ جنسٍ في الأصل يقع على الكل والبعضِ كالكتاب ، أو لأنه مصدرٌ بمعنى المفعول أي أنزلناه حالَ كونِه مقروءاً بلغتكم { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي لكي تفهموا معانيَه طراً وتحيطوا بما فيه من البدائع خُبْراً وتطّلعوا على أنه خارجٌ عن طوق البشر منزَّلٌ من عند خلاق القُوى والقدر .