السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (2)

{ إنا أنزلناه } ، أي : الكتاب { قرآناً عربياً } ، أي : بلغة العرب لكي يعلموا معانيه ويفهموا ما فيه . روي أنّ علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين اسألوا محمداً لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر ؟ وعن كيفية قصة يوسف ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وذكر فيها أنه تعالى عبّر عن هذه القصة بألفاظ عربية ليتمكنوا من فهمها ، والتقدير أنا أنزلنا هذا الكتاب الذي فيه قصة يوسف حال كونه قرآناً عربياً ، وسمي بعض القرآن قرآناً ؛ لأن القرآن اسم جنس يقع على الكل والبعض { لعلكم } يا أهل مكة { تعقلون } ، أي : إرادة أن تفهموا أو تحيطوا بمعانيه ، ولا يلتبس عليكم { ولو جعلناه قرآنا أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته } [ يوسف ، 44 ] . واختلف العلماء هل في القرآن شيء بغير العربية ؟ فقال أبو عبيدة : من زعم أنّ في القرآن لساناً غير العربية فقد أعظم على الله القول واحتج بهذه الآية { إنا أنزلناه قرآناً عربياً } وروي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة أنّ فيه من غير لسان العرب من سجيل ومشكاة وأليم وإستبرق ، وجمع بعض المفسرين بين القولين بأنّ هذه الألفاظ لما تكلمت بها العرب ودارت على ألسنتهم صارت عربية فصيحة وإن كانت غير عربية في الأصل لكنهم لما تكلموا بها نسبت إليهم وصارت لهم لغة وهو جمع حسن .