ثم بين - سبحانه - الحكمة من إنزاله بلسان عربى مبين فقال : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } .
أى : إنا أنزلنا هذا الكتاب الكريم على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بلسان عربى مبين ، لعلكم أيها المكلفون بالإِيمان به ، تعقلون معانيه ، وتفهمون ألفاظه ، وتنتفعون بهداياته ، وتدركون أنه ليس من كلام البشر ، وإنما هو كلام خالق القوى والقدر وهو الله - عز وجل - .
فالضمير في " أنزلناه " يعود إلى الكتاب ، وقرآنا حال من هذا الضمير أو بدلا منه .
والتأكيد بحرف إن متوجه إلى خبرها وهو أنزلناه ، للرد على أولئك المشركين الذين أنكروا أن يكون هذا القرآن من عند الله .
وجملة { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } بيان لحكمة إنزاله بلغة العرب وحذف مفعول " تعقلون " للإِشارة إلى أن نزلوه بهذه الطريقة ، يترتب عليه حصول تعقل أشياء كثيرة لا يحصيها العد .
قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : قوله : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات ، وأبينها وأوسعها ، وأكثرها تأدية للمعانى التي تقوم بالنفوس ، فلهذا أنزل أشرف الكتب ، بأشرف اللغات ، على أشرف الرسل ، بسفارة أشرف الملائكة ، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض ، وفى أشرف شهور السنة ، فكمل له الشرف من كل الوجوه .
وقال الجمل : " واختلف العلماء هل يمكن أن يقال : في القرآن شئ غير عربى " .
قال أبو عبيدة : من قال بأن في القرآن شئ غير عربى فقد أعظم على الله القول . واحتج بهذه الآية .
وروى عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة بأن فيه من غير العربى مثل : سجيل ، والمشكاة ، واليم ، وإستبرق ونحو ذلك .
وهذا هو الصحيح المختار ، لأن هؤلاء أعلم من أبى عبيدة بلسان العرب . وكلا القولين صواب - إن شاء الله - .
ووجه الجمع بينهما أن هذه الألفاظ لما تكلمت بها العرب ، ودارت على ألسنتهم صارت عربية فصيحة ، وإن كانت غير عربية في الأصل ، لكنهم لما تكلموا بها نسبت إليهم ، وصارت لهم لغة ، فظهر بهذا البيان صحة القولين ، وأمكن الجمع بينهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.