المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (30)

30- لو تراهم حين يقفون للحساب أمام ربهم ، ويعرفون صدق ما أنزله على رسله ، لرأيت سوء حالهم إذ يقول الله لهم : أليس هذا الذي تشاهدونه الآن هو الحق الذي أنكرتموه في دنياكم ؟ فيقولون متذللين : بلى وربنا إنه الحق ! فيقول الله لهم بعد ذلك : ادخلوا النار بسبب ما كنتم حريصين عليه من الكفر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (30)

{ 30 } { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }

أي : { وَلَوْ تَرَى } الكافرين { إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ } لرأيت أمرا عظيما ، وهَوْلًا جسيما ، { قَالَ } لهم موبخا ومقرعا : { أَلَيْسَ هَذَا } الذي ترون من العذاب { بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا } فأقروا ، واعترفوا حيث لا ينفعهم ذلك ، { قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (30)

ثم بين - سبحانه - حالهم عندما يقفون ليستمعوا إلى ما يوجهه إليهم ربهم من توبيخ وتقريع بسبب كفرهم فقال :

{ وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هذا بالحق } .

أى : قال لهم - سبحانه - أليس هذا البعث الذى تشاهدونه بأعينكم ثابتاً بالحق ؟ وهنا يجيبون خالقهم مصدقين لأن الواقع يحتم عليهم ذلك فيقولون - كما حكى القرآن عنهم - { بلى وَرَبِّنَا } أى : قالوا : بلى يا ربنا إنه للحق الذى لا شك فيه ، ولا باطل يحوم من حوله ، وأكدوا اعترافهم بالقسم شاهدين على أنفسهم بأنهم كانوا كافرين فى الدنيا .

وهنا يحكم الله فيهم بحكمه العادل فيقول : { قَالَ فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } أى : إذا كان الأمر كما ذكرتم وشهدتم على أنفسكم ، فانغمسوا فى العذاب ذائقين لآلامه وأهواله بسبب كفركم بآيات الله ، وإنكاركم لهذا اليوم العصيب .

والذوق هنا كناية عن الإحساس الشديد بالعذاب بعد أن وقعوا فيه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (30)

20

ولهذا كان ذلك التوكيد على حقيقة الآخرة . . أولا لأنها حقيقة . والله يقص الحق . وثانيا لأن اليقين بها ضرورة لاستكمال إنسانية الإنسان : تصورا واعتقادا ، وخلقا وسلوكا ، وشريعة ونظاما .

ومن ثم كانت هذه الإيقاعات العنيفة العميقة التي نراها في هذه الموجة من نهر السورة المتدفق . . الإيقاعات التي يعلم الله أن فطرة الإنسان تهتز لها وترجف ؛ فتفتح نوافذها ، وتستيقظ أجهزة الاستقبال فيها ، وتتحرك وتحيا ، وتتأهب للتلقي والاستجابة . . ذلك كله فضلا على أنها تمثل الحقيقة :

( ولو ترى إذ وقفوا على ربهم . قال : أليس هذا بالحق ؟ قالوا : بلى وربنا . قال : فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) . .

هذا مصير الذين قالوا : ( إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ) . . وهذا هو مشهدهم البائس المخزي المهين ؛ وهم موقوفون في حضرة ربهم الذي كذبوا بلقائه ، لا يبرحون الموقف . وكأنما أخذ بأعناقهم حتى وقفوا في هذا المشهد الجليل الرهيب :

( قال : أليس هذا بالحق ؟ ) . .

وهو سؤال يخزي ويذيب ! ( قالوا : بلى وربنا ) . .

الآن . وهم موقوفون على ربهم . في الموقف الذي نفوا على سبيل التوكيد أن يكون ! وفي اختصار يناسب جلال الموقف ، ورهبة المشهد ، وهول المصير ، يجيء الأمر العلوي بالقضاء الأخير : قال : ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) . .

وهو مصير يتفق مع الخلائق التي أبت على نفسها سعة التصور الإنساني وآثرت عليه جحر التصور الحسي ! والتي أبت أن ترتفع إلى الأفق الإنساني الكريم ، وأخلدت إلى الأرض ، وأقامت حياتها وعاشت على أساس ذلك التصور الهابط الهزيل ! لقد ارتكست هذه الخلائق حتى أهلت نفسها لهذا العذاب ؛ الذي يناسب طبائع الكافرين بالآخرة ؛ الذين عاشوا ذلك المستوى الهابط من الحياة ! بذلك التصور الهابط الهزيل !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (30)

لمّا ذكر إنكارهم البعث أعقبه بوصف حالهم حين يحشرون إلى الله ، وهن حال البعث الذي أنكروه .

والقول في الخطاب وفي معنى { وقفوا } وفي جواب { لو } تقدّم في نظريتها آنفاً . وتعليق { على ربّهم } بِ { وقفوا } تمثيل لحضورهم المحشر عند البعث . شبّهت حالهم في الحضور للحساب بحال عبد جنى فقُبض عليه فوُقف بين يدي ربّه . وبذلك تظهر مزية التعبير بلفظ { ربّهم } دون اسم الجلالة .

وجملة : { قال أليس هذا بالحقّ } استئناف بياني ، لأنّ قوله : { ولو ترى إذ وقفوا } قد آذن بمشهد عظيم مهول فكان من حقّ السامع أن يسأل : ماذا لقوا من ربّهم ، فيجاب : { قال أليس هذا بالحقّ } الآية .

والإشارة إلى البعث الذي عاينوه وشاهدوه . والاستفهام تقريري دخل على نفي الأمر المقرّر به لاختبار مقدار إقرار المسؤول ، فلذلك يُسأل عن نفي ما هو واقع لأنّه إن كان له مطمع في الإنكار تذرّع إليه بالنفي الواقع في سؤال المقرِّر . والمقصود : أهذا حقّ ، فإنّهم كانوا يزعمونه باطلاً . ولذلك أجابوا بالحرف الموضوع لإبطال ما قبله وهو { بَلَى } فهو يُبطل النفي فهو إقرار بوقوع المنى ، أي بلى هو حقّ ، وأكّدوا ذلك بالقسم تحقيقاً لاعترافهم للمعترف به لأنّه معلوم لله تعالى ، أي نقِرّ ولا نشكّ فيه فلذلك نقسم عليه . وهذا من استعمال القسم لتأكيد لازم فائدة الخبر .

وفُصل { قال فذوقوا العذاب } على طريقة فصل المحاورات . والفاء للتفريع عن كلامهم ، أو فاء فصيحة ، أي إذ كان هذا الحقّ فذوقوا العذاب على كفركم ، أي بالبعث . والباء سببية ، و« ما » مصدرية ، أي بسبب كفركم ، أي بهذا . وذوْق العذاب استعارة لإحساسه ، لأنّ الذوق أقوى الحواسّ المباشرة للجسم ، فشبّه به إحساس الجلد .