المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَظَلُومٞ كَفَّارٞ} (34)

34- وهيَّأ لكم كل ما تحتاجون إليه في حياتكم مما شأنه أن يطلب سواء أطلبتموه أم لا ، وإن تعدوا ما أنعم الله به عليكم لا يمكنكم حصر أنواعه ، فضلا عن أفراده . إن الجاحد الذي قابل النعم بالجحود لشديد الظلم والجحود .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَظَلُومٞ كَفَّارٞ} (34)

{ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } أي : أعطاكم من كل ما تعلقت به أمانيكم وحاجتكم مما تسألونه إياه بلسان الحال ، أو بلسان المقال ، من أنعام ، وآلات ، وصناعات وغير ذلك .

{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } فضلا عن قيامكم بشكرها { إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } أي : هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي مقصر في حقوق ربه كفَّار لنعم الله ، لا يشكرها ولا يعترف بها إلا من هداه الله فشكر نعمه ، وعرف حق ربه وقام به .

ففي هذه الآيات من أصناف نعم الله على العباد شيء عظيم ، مجمل ومفصل يدعو الله به العباد إلى القيام بشكره ، وذكره ويحثهم على ذلك ، ويرغبهم في سؤاله ودعائه ، آناء الليل والنهار ، كما أن نعمه تتكرر عليهم في جميع الأوقات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَظَلُومٞ كَفَّارٞ} (34)

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ . . }

أى : وأعطاكم - فضلا عما تقدم من النعم - بعضا من جميع ما سألتموه إياه من نعم ، على حسب ما تقتضيه إرادته وحكمته التى لا تعلمونها كما قال - تعالى - { وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأرض ولكن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } قال الجمل ما ملخصه " قوله { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } أى : كل نوع أو كل صنف سألتموه أى : شأنكم أن تسألوه لاحتياجكم إليه ، وإن لم تسألوه بالفعل .

وفى " من " قولان : أحدهما أنها زائدة فى المفعول الثانى ، أى : آتاكم كل ما سألتموه .

والثانى أن تكون تبعيضية أى : وآتاكم بعض جميع ما سألتموه وعلى هذا فالمفعول محذوف تقديره : وآتاكم شيئسا من كل ما سألتموه ، وهو رأى سيبويه . . "

وجملة { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا } مؤكدة لمضمون ما قبلها .

أى : وإن تحاولوا عد نعم الله عليكم ، وتحاولوا تحديد هذا العدد ، لن تستطيعوا ذلك لكثرة هذه النعم ، وخفاء بعضه عليكم .

والإِحصاء : ضبط العدد وتحديده ، مأخوذ من الحصا وهو صغار الحجارة لأن العرب كانوا يعدون الأعداد الكثيرة بالحصى تجنبا للخطأ .

قال ابن كثير : " يخبر - سبحانه - عن عجز العباد من تعداد نعمه فضلا عن القيام بشكرها ، كما قال طلق بن حبيب - رحمه الله - : إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد وإن نعم الله أكثر من يحصيها العباد ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين " .

وفى صحيح البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " لك الحمد غير مكفى - أى لم يكفه غيره بل هو - سبحانه - يكفى غيره - ولا مودع - أى متروك حمده - ، ولا مستغنى عنه ربنا - أى هو الذى يحتاج إليه الخلق . . " .

والمراد بالإِنسان فى قوله { إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } نوع معين منه وهو الكافر كما فى قوله - تعالى - { وَيَقُولُ الإنسان أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } أى : إن الإِنسان الكافر لشديد الظلم لنفسه بعبادته لغير الله - تعالى - ، ولشديد الجحود والكفران لنعمه - عز وجل .

قال الشوكانى : قوله - سبحانه : { إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ } أى لنفسه بإغفاله لشكر نعم الله عليه ، وظاهره شمول كل إنسان ، وقال الزجاج : إن الإِنسان هنا اسم جنس يقصد به الكافر خاصة ، كما فى قوله - تعالى - { والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ } " كفار " أى : شديد كفران نعم الله عليه ، جاحد لها ، غير شاكر لله عليها كما ينبغى ويجب عليه .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ابتدأت ببيان سوء عاقبة الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، وثنت بأمر النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن يحض المؤمنين الصادقين على الاستزادة من إقامة الصلاة ومن الانفاق فى سبيل الله .

ثم ساقت عشر نعم تدل دلالة واضحة على وحدانية الله - تعالى - وعلمه وقدرته ، وهذه النعم هى خلق السموات والأرض ، وإنزال المطر من السماء ، وإخراج الثمرات به ، وتسخير الفلك فى البحار ، وتسخير الأنهار ، وتسخير الليل والنهار .

ثم ختمت ببيان أنه - سبحانه - قد أعطى الناس - فضلا عن كل ذلك - جميع ما يحتاجون إليه فى مصالحهم على حسب حكمته ومشيئته ولكن الناس - إلا من عصم الله - لا يقابلون نعمه - سبحانه - بما تستحقه من شكر ، لشدة ظلمهم وكثرة جحودهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَظَلُومٞ كَفَّارٞ} (34)

28

وليست هذه سوى الخطوط العريضة في صفحة الآلاء المديدة . ففي كل خط من النقط ما لا يحصى . ومن ثم يضم إليها على وجه الإجمال المناسب للوحة المعروضة وللجو الشامل :

( وآتاكم من كل ما سألتموه ) . . من مال وذرية وصحة وزينة ومتاع . . . ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) . .

فهي أكبر وأكثر من أن يحصيها فريق من البشر ، أو كل البشر . وكلهم محدودون بين حدين من الزمان : بدء ونهاية . وبين حدود من العلم تابعة لحدود الزمان والمكان . ونعم الله مطلقة - فوق كثرتها - فلا يحيط بها إدراك إنسان . .

وبعد ذلك كله تجعلون لله أندادا ، وبعد ذلك كله لا تشكرون نعمة الله بل تبدلونها كفرا . . ( إن الإنسان لظلوم كفار ) ! ! !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَظَلُومٞ كَفَّارٞ} (34)

{ وآتاكم من كل ما سألتموه } أي بعض جميع ما سألتموه يعني من كل شيء سألتموه شيئا ، فإن الموجود من كل صنف بعض ما في قدرة الله تعالى ، ولعل المراد ب { ما سألتموه } ما كان حقيقيا بأن يسأل لاحتياج الناس إليه سئل أو لم يسأل ، وما يحتمل أن تكون موصولة وموصوفة ومصدرية ويكون المصدر بمعنى المفعول . وقرئ { من كل } بالتنوين أي وآتاكم من كل شيء ما احتجتم إليه وسألتموه بلسان الحال ، ويجوز أن تكون " ما " نافية في موقع الحال أي وآتاكم من كل شيء غير سائليه . { وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها } لا تحصروها ولا تطيقوا عد أنواعها فضلا عن إفرادها ، فإنها غير متناهية . وفيه دليل على أن المفرد يفيد الاستغراق بالإضافة . { إن الإنسان لظلوم } يظلم النعمة بإغفال شكرها ، أو بظلم نفسه بأن يعرضها للحرمان . { كفّار } شديد الكفران . وقيل ظلوم في الشدة يشكو ويجزع كفار في النعمة يجمع ويمنع .