الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَظَلُومٞ كَفَّارٞ} (34)

ثم قال تعالى : { وآتاكم من كل ما سألتموه }[ 34 ] : أي : وأعطاكم مع ما تقدم من ذكر إنعامه عليكم : { من كل ما سألتموه } ، أي : من كل سؤلكم ، قاله الفراء {[37300]} .

وقال الأخفش : ( من كل ما سألتموه ( شيئا ) {[37301]} ، وحذف شيئا لدلالة لفظ التبعيض عليه ، ولدلالة ( ما ) التي أضيف إليها ( كل ) لأنها بمعنى شيء .

وقيل : هذا لفظ عام ، ويراد به الخصوص ، كما يقال : فلان يعلم كل شيء ، وأتاني كل إنسان {[37302]} : يريد البعض ، ومثله { {[37303]} فتحنا عليهم أبواب كل شيء } {[37304]}

قال مجاهد : معناه : وآتاكم من كل ما رغبتم إليه فيه {[37305]} .

وقيل : المعنى : وآتاكم من كل الذي سألتموه ، والذي لم تسألوه {[37306]} .

وقيل : معناه : إن الناس قد سألوا الأشياء عن تفرق أحوالهم ، فخوطبوا على ذلك : أي : قد أوتي بعضهم منه شيئا ، وأوتي الآخر {[37307]} منه شيئا آخر ، مما {[37308]} قد سأله {[37309]} .

وروى محمد بن إسحاق المسيبي {[37310]} ، عن أبيه ، عن نافع ( من كل ) بالتنوين ، وهي قراءة الضحاك ، والحسن {[37311]} : أي : أعطاكم أشياء ما سألتموها / ولا التمستموها ، ولكن فعل ذلك لكم {[37312]} ، برحمته وسعة فضله {[37313]} .

قال الضحاك ( رحمه الله ) : فكم {[37314]} من شيء أعطانا الله ما سألناه ، ولا طلبناه ، ولا خطر {[37315]} لنا على بال {[37316]} .

وجعل الحسن ( ما ) بمعنى ( الذي ) مع التنوين {[37317]} . وقال في معناه : وآتاكم من كل ما {[37318]} سألتموه : أي : أعطاكم من كل الأشياء الذي سألتموه {[37319]} .

ثم قال تعالى : { وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها }[ 34 ] : أي : ( إن ) {[37320]} تعدوا نعم {[37321]} الله عليكم لا {[37322]} تحصوا عددها ، والقيام بشكرها {[37323]} .

ثم قال تعالى : { إن الإنسان لظلوم كفار }[ 34 ] ، الإنسان : اسم للجنس {[37324]} وظلوم بني {[37325]} للمبالغة .

والمعنى {[37326]} أن الإنسان غير شاكر {[37327]} من {[37328]} أنعم عليه ، وقد {[37329]} وضع الشكر في غير موضعه ، يعبد غير من أنعم عليه {[37330]} .

كفار {[37331]} : جحود نعمة من أنعم عليه {[37332]} .


[37300]:انظر: معاني الفراء 2/78، وإعراب النحاس 2/370.
[37301]:انظر هذا القول في: معاني الأخفش 2/600، وإعراب النحاس 2/370-371.
[37302]:ط: كل شيء.
[37303]:في النسختين معا لفتحنا.
[37304]:الأنعام: 45.
[37305]:ط: فبه إليه، وانظر: قوله في تفسير مجاهد 412 وجامع البيان 13/226.
[37306]:ق: والتي سألتموها، وهو قول ركانة بن هاشم في: جامع البيان 13/226 ولم ينسباه في معاني الزجاج 3/163، والجامع 9/241.
[37307]:ق: الأخرى.
[37308]:ساقط من ق.
[37309]:انظر: هذا المعنى في: جامع البيان 13/226.
[37310]:هو إمام جليل، عالم بالقراءة، ومحقق، ضابط لقراءة نافع التي رواها عن أبيه (ت 236 هـ) انظر: الغاية 2/98.
[37311]:انظر: هذه القراءة الشاذة في: جامع البيان 13/227، منسوبة إلى الضحاك فقط، وعزاها في المبسوط 227، إلى زيد، عن يعقوب، والحسن، وسلام. وفي شواذ القرآن 73 أنها أيضا لابن عباس، وجعفر بن محمد، وزاد نسبتها في: المحرر 10/90 إلى قتادة، ونافع، وانظر: الجامع 9/241.
[37312]:ط: بكم.
[37313]:ط: مطموس. وهو قول الضحاك في جامع البيان 13/227 والمحرر 10/90.
[37314]:في ط: وكم.
[37315]:ق: خضر، ط: نظر.
[37316]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/227.
[37317]:انظر: الهامش الثاني في: الصفحة نفسها.
[37318]:ق: الذي.
[37319]:انظر هذا القول في: جامع البيان 13/226.
[37320]:ساقط من ط.
[37321]:ق: نعمة.
[37322]:ط: لا تحصوها أي لا تحصوا عددها.
[37323]:وهو قول الطبري في: جامع البيان 13/227.
[37324]:انظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/164.
[37325]:في النسختين معا: بنا.
[37326]:ق: ومعنى. ولعل الصواب ما أثبت.
[37327]:في النسختين معا: لشاكر غير والصواب ما أثبت.
[37328]:ق: ما.
[37329]:في النسختين معا: فقد والصواب ما أثبت.
[37330]:انظر: هذا المعنى في: جامع البيان 13/227.
[37331]:ساقط من ق.
[37332]:انظر المصدر السابق.