ثم قال عزَّ وجلَّ : { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } أي : أنه لم يقتصر على هذه النعم بل أعطى عباده من المنافع ما لا يأتي على بعضها التَّعداد .
ثمَّ قال { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا } قال الواحديُّ : " النِّعْمةُ ههنا أسم أقسم مقام المصدر ، يقال : أنْعَمَ اللهُ عليْهِ ينعم إنْعَاماً ، ونِعْمةً ، أقيم الاسم مقام الإنعام ، كقوله : أنْفَقتُ عليْكَ إنْفَاقاً ونَفقَةً شيئاً واحداً ، ولذلك يجمع لأنَّهُ في معنى المصدر " .
وقال غيره : " النِّعمة هنا بمعنى المُنْعَم به " .
وخُتِمَت هذه الآية ب { إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ } ونظيرها في النحل ب { إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ النحل : 18 ] لأن في هذه تقدم قوله -عز وجل- : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْراً } [ إبراهيم : 28 ] وبعده { وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً } [ إبراهيم : 30 ] فجاء قوله { إِنَّ الإنسان } شاهداً بقبح من فعل ذلك فناسب ختمها بذلك .
والتي في النَّحل ذكر فيها عدة تفضيلات ، وبالغ فيها ، وذكر قوله -جلّ ذكره- { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } [ النحل : 17 ] أي : من أوجد هذه النعم السابق ذكرها كمن لم يقدر منها على شيء ، فذكر أيضاً أن من جملة تفضلاته اتصافه بهاتين الصفتين .
وقال ابن الخطيب{[19300]} : " كأنه يقول : إذا حصلت النعم الكثيرة ؛ فأنت الذي أخذتها وأنا الذي أعطيتها ؛ فحصل لك عند أخذها وصفان : وهما : كونك ظلوماً كفاراً ، ولي وصفان عند أعطائها وهما : كوني غفوراً رحيماً ، فكأنه -تعالى- يقول : إن كنت ظلوماً فأنا غفورٌ ، وإن كنت كفاراً فأنا رحيم ، أعلم عجزك ، وقصورك ، فلا أقابل جفاك إلا بالوفاء " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.