{ وَإِذَا قِيلَ } لكم في الدنيا { إِنَّ وعْدَ الله حَقٌّ } أي : وإن ما وعد الله - تعالى - به من البعث والحساب حق وصدق { والساعة لاَ رَيْبَ فِيهَا } أي : لا شك فيها .
{ قُلْتُم } على سبيل العناد والجحود { مَّا نَدْرِي مَا الساعة } أي : قلتم على سبيل الإِنكار لها ، والاستبعاد لحصولها : لا نعرف أن هناك شيئا اسمه الساعة ، ولا نعترف بها اعترافا يدل على إيماننا بها .
{ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } أي : كنتم في الدنيا تقولون : لا نوقن ولا نؤمن بحدوث الساعة ، ولكنا نظن ونتوهم أن هناك شيئا اسمه الساعة ، وما نحن بمستيقنين بإتيانها .
ولعل هذا الكلام الذي حكاه القرآن الكريم عنهم ، هو كلام الشاكين المتحيرين من الكافرين ، أما الجاحدون منهم فهم الذين حكى القرآن عنهم أنهم قالوا : { مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر . . . }
ثم نلقي بأبصارنا - من خلال الكلمات - إلى الفريق الآخر . فماذا نحن واجدون ? إنه التأنيب الطويل ، والتشهير المخجل ، والتذكير بشر الأقوال والأعمال :
( وأما الذين كفروا . أفلم تكن آياتي تتلى عليكم ، فاستكبرتم ، وكنتم قوماً مجرمين ? وإذا قيل : إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها . قلتم : ما ندري ما الساعة ! إن نظن إلا ظنا ، وما نحن بمستيقنين ) !
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ إِنّ وعْدَ اللّهِ حَقّ وَالسّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مّا نَدْرِي مَا السّاعَةُ إِن نّظُنّ إِلاّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } .
يقول تعالى ذكره : ويقال لهم حينئذٍ : وَإذَا قِيلَ لكم إنّ وَعْدَ اللّهِ الذي وعد عباده ، أنه محييهم من بعد مماتهم ، وباعثهم من قبورهم حَقّ ، وَالسّاعَةُ التي أخبرهم أنه يقيمها لحشرهم ، وجمعهم للحساب والثواب على الطاعة ، والعقاب على المعصية ، آتية لا رَيْبَ فِيها يقول : لا شكّ فيها ، يعني في الساعة ، والهاء في قوله : فِيها من ذكر الساعة . ومعنى الكلام : والساعة لا ريب في قيامها ، فاتقوا الله وآمنوا بالله ورسوله ، واعملوا لما ينجيكم من عقاب الله فيها ، قُلْتُم ما نَدْرِي ما السّاعَةُ تكذيبا منكم بوعد الله جلّ ثناؤه ، وردّا لخبره ، وإنكارا لقُدرته على إحيائكم من بعد مماتكم .
وقوله : إنْ نَظُنّ إلاّ ظَنا يقول : وقلتم ما نظنّ أن الساعة آتية إلاّ ظنا وَما نحْنُ بِمُسْتَيْقِنينَ أنها جائية ، ولا أنها كائنة .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : والسّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة و السّاعَةُ رفعا على الابتداء . وقرأته عامة قرّاء الكوفة «والسّاعَةَ » نصبا عطفا بها على قوله : إنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ .
والصواب من القول في ذلك عندنا ، أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار صحيحتا المخرج في العربية متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
{ وإذا قيل إن وعد الله } يحتمل الموعود به والمصدر . { حق } كائن هو أو متعلقة لا محالة : { والساعة لا ريب فيها } إفراد للمقصود ، وقرأ حمزة بالنصب عطفا على اسم إن . { قلتم ما ندري ما الساعة } أي شيء الساعة استغرابا لها . { إن نظن إلا ظنا } أصله نظن ظنا فأدخل حرفا النفي والاستثناء لإثبات الظن ونفي ما عداه كأنه قال : ما نحن نظن ظنا ، أو لنفي ظنهم فيما سوى ذلك مبالغة ثم أكده بقوله : { وما نحن بمستيقنين } أي لإمكانه ، ولعل ذلك قول بعضهم تحيروا بين ما سمعوا من آبائهم وما تليت عليهم من الآيات في أمر الساعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.