المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

65- ولا تحزن - أيها الرسول - لما يقوله المشركون من سخرية وطعن وتكذيب ، ولا تظن أن حالهم ستدوم ، بل إن النتيجة لك وسيعتز الإسلام ، فإن العزة كلها لله تعالى ، والنصر بيده ، وسينصرك عليهم ، وهو سبحانه السميع لما يفترون عليك ، العليم بما يضمرونه ، وسيجازيهم على ذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

{ 65 ْ } { وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ْ }

أي : ولا يحزنك قول المكذبين فيك من الأقوال التي يتوصلون بها إلى القدح فيك ، وفي دينك فإن أقوالهم لا تعزهم ، ولا تضرك شيئًا . { إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ْ } يؤتيها من يشاء ، ويمنعها ممن يشاء .

قال تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ْ } أي : فليطلبها بطاعته ، بدليل قوله بعده : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ْ }

ومن المعلوم ، أنك على طاعة الله ، وأن العزة لك ولأتباعك من الله { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ْ }

وقوله : { هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ْ } أي : سمعه قد أحاط بجميع الأصوات ، فلا يخفى عليه شيء منها .

وعلمه قد أحاط بجميع الظواهر والبواطن ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة ، في السماوات والأرض ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر .

وهو تعالى يسمع قولك ، وقول أعدائك فيك ، ويعلم ذلك تفصيلا ، فاكتف بعلم الله وكفايته ، فمن يتق الله ، فهو حسبه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

وبعد أن بين - سبحانه - ما عليه أولياؤه من سعادة دنيوية وأخروية ، أتبع ذلك بتسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما لقيه من أعدائه من أذى فقال : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السميع العليم } .

أى : ولا يحزنك يا محمد ما قاله أعداؤك في شأنك ، من أنك ساحر أو مجنون ، لأن قولهم هذا إنما هو من باب حسدهم لك ، وجحودهم لدعوتك .

والنهي عن الحزن - وهو أمر نفسي لا اختيار للإِنسان فيه - المراد به هنا النهي عن لوازمه ، كالإِكثار من محاولة تجديد شأن المصائب ، وتعظيم أمرها ، وبذلك تتجدد الآلام ، ويصعب نسيانها .

وفي هذه الجملة الكريمة تسلية له - صلى الله عليه وسلم - وتأنيس لقلبه ، وإرشاد له إلى ما سيقع له من أعدائه من شرور ، حتى لا يتأثر بها عند وقوعها .

وقوله : { إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السميع العليم } تعليل للنهي على طريقة الاستئناف ، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - قد قال : وما لي لا أحزن وهم قد كذبوا دعوتي ؟ فكان الجواب : إن الغلبة كلها ، والقوة كلها لله وحده لا لغيره ، فهو - سبحانه - القدير على أن يغلبهم ويقهرهم ويعصمك منهم ، وهو { السميع } ، لأقوالهم الباطلة ، { العليم } بأفعالهم القبيحة ، وسيعاقبهم على ذلك يوم القيامة عقاباً أليماً .

ولا تعارض بين قوله - سبحانه - { إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } وبين قوله في آية أخرى { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } لأن كل عزة لغيره - سبحانه - فهي مستمدة من عزته ، وكل قوة من تأييده وعونه ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون ، إنما صاروا أعزاء بفضل ركونهم إلى عزة الله - تعالى - وإلى الاعتماد عليه ، وقد أظهرها - سبحانه - على أيديهم تكريماً لهم .

ولذا قال القرطبي - رحمه الله - قوله : { إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } أى : القوة الكاملة ، والغلبة الشاملة ، والقدرة التامة لله وحده ، فهو ناصرك ومعينك ومانعك . و { جميعاً } نصب على الحال ، ولا يعارض هذا قوله :

{ وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فإن كل عزة بالله فهي كلها لله ، قال - سبحانه - { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنّ الْعِزّةَ للّهِ جَمِيعاً هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا يحزنك يا محمد قول هؤلاء المشركين في ربهم ما يقولون ، وإشراكهم معه الأوثان والأصنام فإن العزّة لله جميعا ، يقول تعالى ذكره : فإن الله هو المنفرد بعزّة الدنيا والاَخرة لا شريك له فيها ، وهو المنتقم من هؤلاء المشركين القائلين فيه من القول الباطل ما يقولون ، فلا ينصرهم عند انتقامه منهم أحد ، لأنه لا يعازه شيء . وَهُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ يقول : وهو ذو السمع لما يقولون من الفرية والكذب عليه ، وذو علم بما يضمرونه في أنفسهم ويعلنونه ، محصيّ ذلك عليهم كله ، وهو لهم بالمرصاد . وكسرت «إن » من قوله : إنّ العِزّةَ لِلّهِ جَمِيعا لأن ذلك خبر من الله مبتدأ ، ولم يعمل فيها القول ، لأن القول عني به قول المشركين وقوله : إنّ العِزّةَ لِلّهِ جَمِيعا لم يكن من قيل المشركين ، ولا هو خبر عنهم أنهم قالوه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

وقوله : { ولا يحزنك } الآية ، هذه آية تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم ، المعنى ولا يحزنك يا محمد ويهمك قولهم ، أي قول كفار قريش ، ولفظة القول تعم جحودهم واستهزاءهم وخداعهم وغير ذلك ، ثم ابتدأ بوجوب { إن العزة لله جميعاً } ، أي فهم لا يقدرون على شيء ولا يؤذونه إلا بما شاء الله وهو القادر على عقابهم لا يعازه شيء ، ففي الآية وعيد لهم ، وكسر { إن } في الابتداء ولا ارتباط لها بالقول المتقدم لها ، وقال ابن قتيبة لا يجوز فتح «إن » في هذا الموضع وهو كفر .

قال القاضي أبو محمد : وقوله هو كفر غلو ، وكأن ذلك يخرج على تقدير لأجل أن العزة لله{[6158]} ، وقوله : { هو السميع } أي لجميع ما يقولونه { العليم } بما في نفوسهم من ذلك ، وفي ضمن هذه الصفات تهديد .


[6158]:- معنى هذا أن قوله تعالى: {إن العزة لله جميعا} تعليل، أي: لا يقع منك حزن لما يقولون لأجل أن العزة لله، ولكن هذا المعنى لا يتضح إلا في قراءة فتح (إن)، أما إذا كسرت الهمزة فالواضح الاستئناف. والذي قرأ بالفتح هو أبو حيوة.