المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

فصلت هذه السورة الكريمة قصة نوح عليه السلام مع قومه ، فتحدثت عن دعوته لهم جهرا ، ثم سرا وجهرا ، وقصت شكواه إلى الله من إعراضهم عنه وعنادهم له ، وسجلت إصرارهم على عبادة الأصنام حتى استحقوا عذاب الله . ولما يئس نوح عليه السلام من قبولهم الدعوة دعا عليهم بالهلاك والانقراض ، ودعا لنفسه ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات بالغفران .

1- إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه ، وقلنا له : أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب شديد الإيلام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة نوح عليه السلام وهي مكية

{ 1 - 28 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ }

إلى آخر السورة لم يذكر الله في هذه السورة سوى قصة نوح وحدها لطول لبثه في قومه ، وتكرار دعوته إلى التوحيد ، ونهيه عن الشرك ، فأخبر تعالى أنه أرسله{[1237]}  إلى قومه ، رحمة بهم ، وإنذارا لهم من عذاب الله الأليم ، خوفا من استمرارهم على كفرهم ، فيهلكهم الله هلاكا أبديا ، ويعذبهم عذابا سرمديا .


[1237]:- في ب: أنه أرسل نوحا.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة نوح

مقدمة وتمهيد

1- سورة " نوح " –عليه السلام- من السور المكية الخالصة ، وسميت بهذا الاسم لاشتمالها على دعوته –عليه السلام- وعلى مجادلته لقومه ، وعلى موقفهم منه ، وعلى دعائه عليهم .

وكان نزولها بعد سورة " النحل " وقبل سورة " إبراهيم " .

وعدد آياتها ثمان وعشرون آية في المصحف الكوفي . وتسع وعشرون في المصحف البصري والشامي . وثلاثون آية في المصحف المكي والمدني .

2- وهذه السورة الكريمة من أولها إلى آخرها ، تحكي لنا ما قاله نوح لقومه ، وما ردوا به عليه ، كما تحكي تضرعه إلى ربه –عز وجل- وما سلكه مع قومه في دعوته لهم إلى الحق ، تارة عن طريق الترغيب وتارة عن طريق الترهيب ، وتارة عن طريق دعوتهم إلى التأمل والتفكر في نعم الله –تعالى- عليهم ، وتارة عن طريق تذكيرهم بخلقهم .

كما تحكي أنه –عليه السلام- بعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما- دعا الله –تعالى- أن يستأصل شأفتهم . فقال : [ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا . إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ، ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا . رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ، ولا تزد الظالمين إلا تبارا ] .

قصة نوح - عليه السلام - مع قومه ، قد وردت في سور متعددة منها : سورة الأعراف ، ويونس ، وهود ، والشعراء ، والعنكبوت .

وينتهى نسب نوح - عليه السلام - إلى شيث بن آدم ، وقد ذكر نوح فى القرآن فى ثلاثة وأربعين موضعا .

وكان قوم نوح يعبدون الأصنام ، فأرسل الله - تعالى - إليهم نوحا ليدلهم على طريق الرشاد .

وقد افتتحت السورة هنا بالأسلوب المؤكد بإنَّ ، للاهتمام بالخبر ، وللاتعاظ بما اشتملت عليه القصة من هدايات وإرشادات .

وأن فى قوله { أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ } تفسيرية ، لأنها وقعت بعد أرسلنا ، والإِرسال فيه معنى القول دون حروفه ، فالجملة لا محل لها من الإعراب .

ويصح أن تكون مصدرية ، أى : بأن أنذر قومك . . والإِنذار ، هو الإخبار الذى معه تخويف .

وقوم الرجل : هم أهله وخاصته الذين يجتمعون معه فى جد واحد . وقد يقيم الرجل بين الأجانب . فيسميهم قومه على سبيل المجاز للمجاورة .

أى : إنا قد اقتضت حكمتنا أن نرسل نوحا - عليه السلام - إلى قومه ، وقلنا له : يا نوح عليك أن تنذرهم وتخوفهم من عذابنا ، وأن تدعوهم إلى إخلاص العبادة لنا ، من قبل أن ينزل بهم عذاب مؤلم ، لا طاقة لهم بدفعه ، لأن هذا العذاب من الله - تعالى - الذى لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه .

وقال - سبحانه - { أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ } ولم يقل : أن أنذر الناس ، لإِثارة حماسته فى دعوته ، لأن قوم الرجل يحرص الإِنسان على منفعتهم . . أكثر من حرصه على منفعهة غيرهم .

والآية الكريمة صريحة فى أن ما أصاب قوم نوح من عذاب أليم ، كان بسبب إصرارهم على كفرهم ، وعدم استماعهم إلى إنذاره لهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىَ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَقَوْمِ إِنّي لَكُمْ نَذِيرٌ مّبِينٌ * أَنِ اعبُدُواْ اللّهَ وَاتّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرْكُمْ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى إِنّ أَجَلَ اللّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : إنّا أرْسَلْنا نُوحا وهو نوح بن لمَكَ إلى قَوْمِهِ أنْ أنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أنْ يأْتِيَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ يقول : أرسلناه إليهم بأن أنذر قومك فأن في موضع نصب في قول بعض أهل العربية ، وفي موضع خفض في قول بعضهم . وقد بيّنت العِلل لكلّ فريق منهم ، والصواب عندنا من القول في ذلك فيما مضى من كتابنا هذا ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر : «إنَا أرْسَلْنا نُوحا إلى قَوْمِهِ أنْذِرْ قَوْمَكَ » بغير «أن » ، وجاز ذلك لأن الإرسال بمعنى القول ، فكأنه قيل : قلنا لنوح : أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم وذلك العذاب الأليم هو الطوفان الذي غرّقهم الله به .