{ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ } المدينة { مِنْ أَقْطَارِهَا } أي : لو دخل الكفار إليها من نواحيها ، واستولوا عليها -لا كان ذلك- { ثُمَّ } سئل هؤلاء { الْفِتْنَة } أي : الانقلاب عن دينهم ، والرجوع إلى دين المستولين المتغلبين { لَآتَوْهَا } أي : لأعطوها مبادرين .
{ وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا } أي : ليس لهم منعة ولا تَصلُّبٌ على الدين ، بل بمجرد ما تكون الدولة للأعداء ، يعطونهم ما طلبوا ، ويوافقونهم على كفرهم ، هذه حالهم .
ثم بين - سبحانه - أن هؤلاء المنافقين جمعوا لأنفسهم كل نقيض ، فهم يسرعون إلى ما يؤذى المؤمنين ، ويبطئون عما ينفعهم ، فقال - تعالى - : { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ الفتنة لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً } .
والضمير فى قوله - تعالى - { دُخِلَتْ } للبيوت أو للمدينة . وفاعل الدخول من يدخل هذه البيوت أو المدينة من أهل الكفر والفاسد . وأسند - سبحانه - الدخول إلى بيوتهم ، للإِشعار بأن الأعداء يدخلونها وهم قابعون فيها .
والأقطار : جمع قطر بمعنى الناحية والجانب والجهة .
والمراد بالفتنة هنا ، الردة عن الإِسلام أو قتال الملسمين .
وقوله { لآتَوْهَا } قرأه الجمهور بالمد بمعنى لأعطوها . وقرأه نافع وابن كثير { لآتَوْهَا } بالقصر ، بمعنى لجاءوها وفعلوها والتلبث : الإِبطاء والتأخر .
والمعنى إن هؤلاء المنافقين الذين يزعمون أن بيوتهم عورة ، هم كاذبون فى زعمهم ، وهم أصحاب نيات خبيثة ، ونفوس عارية عن كل خير .
والدليل على ذلك ، أن بيوتهم هذه التى يزعمون أنها عورة ، لو اقتحمها عليهم مقتحم من المشركين وهم قابعون فيها ، ثم طلب منهم أن ينضم إليهم فى مقاتلة المسلمين ، لسارعوا إلى تلبية طلبه ، ولكانوا مطيعين له كل الطاعة ، وما تأخروا عن تلبية طلبه إلا لمدة قليلة ، يعدون العدة خلالها لقتالكم - أيها المسلمون - وللانسلاخ عن كل رابطة تربطكم بهم . لأن عقيدتهم واهنة ، ونفوسهم مريضة خائرة .
قال صاحب الكشاف : قوله : { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ } أى : المدينة . وقيل : بيوتهم . من قولك : دخلت على فلان داره { مِّنْ أَقْطَارِهَا } أى . من جوانبها . يريد : ولو دخلت هذه العساكر المتحزبة - التى يفرون منها - مدينتهم من نواحيها كلها وانثالت على أهاليهم .
وألادهم ناهبين سابين ، ثم سئلوا عند ذلك الفزع وتلك الرجفة ، { الفتنة } أى : الردة والرجعة إلى الكفر ، ومقاتلة المسلمين ، لأتوها ، أى : لجاءوها ولفعلوها . وقرئ . لأتوها أى لأعطوها { وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً } ريثما يكون السؤال والجواب من غير توقف . أو ما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم إلا يسيرا ، فإن الله يهلهكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.