قوله : { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا } ولو دخل عليهم المدينة أو البيوت يعني هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب «مِنْ أقْطَارِهَا » جوانبها . وفيه لغة وتروى : أَقْتَار - بالتاء{[43234]} - . والقُطْرُ : الجانب أيضاً ومنه قَطَرْتُهُ أي أَلْقَيْتُهُ على قطره فَتَقَطَّرَ أي وقع عليه قال :
4076 - قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وَجَاراتُها *** مَا قَطَّرَ الفَارِسَ إِلاَّ أَنَا{[43235]}
وفي المثل : «الانفِضَاضُ يُقَطِّرُ الجَلَب »{[43236]} تفسيره أن القوم إذا انفضوا أي فني زادهم احتاجوا إلى جَلْب الإِبل ، وسمي القَطْرُ{[43237]} قطراً لسقوطه .
قوله : «ثُمَّ سُئِلُوا » قرأ مجاهد «سُويِلُوا » بواو ساكنة ثم ياء مكسورة «كقُوتِلُوا »{[43238]} . حكى أبو زيد : هما يَتَسَاوَلاَن بالواو{[43239]} ، والحسن : سُولُوا{[43240]} بواو ساكنة فقط فاحتملت وجهين :
أحدهما : أن يكون أصلها : سيلوا كالعامة ، ثم خففت الكسرة فسكنت كقولهم في ضَرب - بالكسر - ضرب بالسكون فسكنت الهمزة بعد ضمة فقلبت واواً نحو : بُوسٍ في بُؤْسٍ .
والثاني : أن يكون من لغة الواو{[43241]} ، ونقل عن أبي عمرو أنه قرأ سِيلُوا بياء ساكنة بعد كسرة نحو : قِيلوا{[43242]} .
قوله : «لأتَوْهَا » قرأ نافعٌ وابنُ كثير بالقصر بمعنى لَجَاؤُوهَا وغَشوهَا{[43243]} ، والباقون بالمد بمعنى لأعطوها ومفعوله الثاني محذوف تقديره : لآتوها السائلين . والمعنى ولو دخلت البيوت أو المدينة من جميع نواحيها ثم سئل أهلها الفتنة لم يمتنعوا من إعطائها ، وقراءة المد يستلزم قراءة القصر من غير عكس بهذا المعنى الخاص{[43244]} .
قوله : «إِلاَّ يَسيراً » أي إلا تَلَبُّثاً أو إلا زماناً يسيراً{[43245]} . وكذلك قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } [ الأحزاب : 16 - 18 ] أي إلا تَمَتُّعاً أو إلا زماناً قليلاً .
دلت الآية على أن ذلك الفرار والرجوع ليس لحفظ البيوت لأن من يفعل فعلاً لغرض فإذا فاته الغرض لا يفعله فقال تعالى هم قالوا بأن رجوعنا عنك لحفظ بيوتنا ولو دخلها الأحزاب وأخذوها منهم لرجعوا أيضاً فليس رجوعهم عنك إلا بسبب كفرهم وحبهم الفتنة وهي الشرك ، { وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا } أي ما تلبثوا بالمدينة أو البيوت «إلاَّ يَسِيراً » وأن المؤمنين يُخْرِجُونَهُمْ قاله الحسن{[43246]} ، وقيل : ما تلبثوا أي{[43247]} ما احْتَبَسُوا عن الفتنة - وهي الشرك - إلا يسيراً ولأسرعوا للإجابة إلى الشرك طيّبةً به أنفُسُهم وهذا قول أكثر المفسِّرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.