السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا} (14)

ولما كانت عنايتهم مشتدة بملازمة دورهم ، فأظهروا اشتداد العناية بحمايتها زوراً بين تعالى ذلك بقوله تعالى : { ولو دخلت } أي : بيوتهم أو المدينة ، وأنث الفعل نصاً على المراد وإشارة إلى أن ما ينسب إليهم جدير بالضعف ، وأتى بأداة الاستعلاء بقوله تعالى : { عليهم } إشارة إلى أنه دخول غلبة { من أقطارها } أي : جوانبها كلها بحيث لا يكون لهم مكان للهرب ، وحذف الفاعل للإيماء بأن دخول هؤلاء الأحزاب ودخول غيرهم من العساكر سيان في اقتضاء الحكم المرتب عليه { ثم سئلوا } من أي سائل كان { الفتنة } أي : الشرك ومقاتلة المسلمين وقرأ { لأتوها } نافع وابن كثير بقصر الهمزة لجاؤها أو فعلوها ، والباقون بالمد أي : لأعطوها إجابة لسؤال من سألهم { وما تلبثوا بها } أي : ما احتبسوا عن الفتنة { إلا يسيراً } أي : لأسرعوا إلى الإجابة للشرك طيبة بها نفوسهم ، فعلم بذلك أنهم لا يقصدون إلا الفرار لا حفظ البيوت من المضار ، وهذا قول أكثر المفسرين .

وقال الحسن : المراد بالفتنة الخروج من البيوت سمى بذلك لأن الإنسان لا يخرجه من بيته إلا الموت أو ما هو يقاربه ، فكأنه فتنة ، وعلى هذا يكون الضمير في بها راجعاً للبيوت أو المدينة أي : ما لبثوا بالبيوت أو بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا يسيراً حتى هلكوا .