المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (60)

60- وأعدوا - يا معشر المسلمين - لمواجهة أعدائكم ما استطعتم من قوة حربية شاملة لجميع عتاد القتال ، من المرابطين في الثغور وأطراف البلاد بخيلهم ، لتخيفوا بهذا الإعداد والرباط عدو اللَّه وعدوكم من الكفار المتربصين بكم الدوائر ، وتخيفوا آخرين لا تعلمونهم الآن واللَّه يعلمهم . لأنه لا يخفي عليه شيء . وكل ما أنفقتم من شيء في سبيل إعداد القوة قاصدين به وجه اللَّه ، فإن اللَّه يجزيكم عليه جزاء وافيا ، دون أن ينقصهم مثقال ذرة مما تستحقون من فضل ربكم{[77]} .


[77]:في الآية الكريمة حث صريح وأمر على الاستعداد لملاقاة العدو، فالحرب قديما وحديثا، أمر خطير جلل تتوقف عليه مصائر الأمم، لذلك فهي جديرة بالتحضير والتجهيزات والإعداد في مختلف نواحي العدد والقوة والعتاد، ودخول الحرب دون تجهيز وإعداد يسبب الفشل، ونحن نرى الدول الآن تستعد في وقت السلم للحرب، تبني سياستها واستراتيجيتها، وتعبئ جميع مواردها للحصول على النصر في الحرب. والحرب الآن شاملة يشترك فيها الشعب والجيش، وهي بذلك أولى بإعداد كل منهما إعدادا شاملا يضمن النصر.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (60)

{ 60 ْ } { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ْ }

أي { وَأَعِدُّوا ْ } لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم . { مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ْ } أي : كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم ، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات ، والبنادق ، والطيارات الجوية ، والمراكب البرية والبحرية ، والحصون والقلاع والخنادق ، وآلات الدفاع ، والرأْي : والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم ، وتَعَلُّم الرَّمْيِ ، والشجاعة والتدبير .

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : { ألا إن القوة الرَّمْيُ ْ } ومن ذلك : الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال ، ولهذا قال تعالى : { وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ْ } وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان ، وهي إرهاب الأعداء ، والحكم يدور مع علته .

فإذا كان شيء موجود{[353]}  أكثر إرهابا منها ، كالسيارات البرية والهوائية ، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد ، كانت مأمورا بالاستعداد بها ، والسعي لتحصيلها ، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة ، وجب ذلك ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به ، فهو واجب

وقوله : { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْْ } ممن تعلمون أنهم أعداؤكم . ْ{ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ } ممن سيقاتلونكم بعد هذا الوقت الذي يخاطبهم الله به ْ{ اللَّهُ يَعْلَمُهُم }ْ فلذلك أمرهم بالاستعداد لهم ، ومن أعظم ما يعين على قتالهم بذلك النفقات المالية في جهاد الكفار .

ولهذا قال تعالى مرغبا في ذلك : { وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّه } قليلا كان أو كثيرا ْ { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } أجره يوم القيامة مضاعفا أضعافا كثيرة ، حتى إن النفقة في سبيل اللّه ، تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة . { وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ } أي : لا تنقصون من أجرها وثوابها شيئا .


[353]:- في النسختين: إذا كان موجودا شيئا.