ثم إنه لما اتفق لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قصة بدر أن قصدوا الكفار بلا آلة وعدة ، أمرهم أن لا يعودوا لمثله ويتأهبوا لقتال الأعداء فقال { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } عن عكرمة : هي الحصون . وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر ثم قال : إلا إن القوة الرمي قالها ثلاثاً ومات عقبة عن سبعين قوساً في سبيل الله والأصح أنها عامة في كل ما يتقوى به في الحرب من آلة وعدّة . وقوله صلى الله عليه وسلم : «القوة الرمي » كقوله : «الحج عرفة » وفيه تنبيه على أن المذكور جزء شريف في جملة المقصود { ومن رباط الخيل } هو اسم للخيل التي تربط في سبيل الله الخمس فما فوقها . ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصال وفصيل ، والظاهر أنه بمعنى المرابط . ويجوز أن يكون قوله { ومن رباط الخيل } تخصيصاً للخيل من بين ما يتقوّى به كقوله { وجبريل وميكائيل } فلا ريب أن ربط الخيل من أقوى آلات الجهاد . روي عن ابن سيرين أنه سئل عمن أوصى بثلث ماله في الحصون فقال : يشتري به الخيل فتربط في سبيل الله ويغزي عليها . فقيل له : إنما أوصى في الحصون . فقال : ألم تسمع قول الشاعر :
ولقد علمت على توقّي الردى *** أن الحصون الخيل لا مدر القرى
وعن عكرمة أن الخيل هاهنا الإناث لأنها أولى بالربط لتفيد النسل . وقيل : هي الفحول لأنها أقوى على الكر والفر . والظاهر العموم . ثم ذكر ما لأجله أمر بإعداد هذه الأشياء فقال { ترهبون به } أي بما استطعتم { عدو الله وعدوكم } لأن الكفار إذا علموا تأهب المسلمين للقتال لم يجسروا عليهم وخافوهم وربما يدعوهم ذلك إلى الانقياد والطاعة { وآخرين من دونهم } يريد بالأوّلين أهل مكة وبالآخرين اليهود على قول ولكنه لا يجاريه قوله { لا تعلمونهم الله يعلمهم } والمنافقين على قول . واعترض عليه بأنهم لا يرهبون لانخراطهم في سلك المسلمين ظاهراً . وأجيب بأن الخائن خائف فلكما اشتدت شوكة المسلمين ازداد المنافقون في أنفسهم خوفاً ورعباً فربما يدعوهم ذلك إلى الإخلاص . وعن السدي : هم أهل فارس . وروي ابن جريج عن سليمان بن موسى أنهم كفرة الجن وجاء في الحديث إن الشيطان لا يقرب صاحب فرس ولا داراً فيها فرس عتيق وروي أن صهيل الخيل يرهب الجن . وقيل : المراد بالآخرين أعداء المرء من دينه فإن المسلم قد يعاديه مسلم آخر . ثم رغبهم في الإنفاق في باب الجهاد فقال { وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم } أي ثوابه { وأنتم لا تظلمون } لا تنقصون من ثواب أعمالكم شيئاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.