وقوله : { وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ } اختلف أهل التأويل في الحاسد الذي أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شرّ حسده به ، فقال بعضهم : ذلك كلّ حاسد أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يستعيد من شرّ عينه ونفسه . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ } قال : من شرّ عينه ونفسه .
قال مَعْمر : وسمعت ابن طاوُس يحدّث عن أبيه ، قال : العَينُ حَقّ ، وَلَو كان شَيءٌ سابق القَدرِ ، سَبَقتْه العَينُ ، وإذا اسْتُغْسِل أحدُكم فَلْيَغْتَسل .
وقال آخرون : بل أُمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بهده الآية أن يستعيذ من شرّ اليهود الذين حسدوه . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ } قال : يهود ، لم يمنعم أن يؤمنوا به إلا حسدهم .
وأولى القولين بالصواب في ذلك ، قول من قال : أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شرّ كلّ حاسد إذا حسد ، فعابه أو سحره ، أو بغاه سوءا .
وإنما قلنا : ذلك أولى بالصواب ؛ لأن الله عزّ وجلّ لم يخصص من قوله { وَمِنْ شَرّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ } حاسدا دون حاسد ؛ بل عمّ أمرُه إياه بالاستعاذة من شر كلّ حاسد ، فذلك على عمومه .
{ ومن شر حاسد إذا حسد } إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه ، فإنه لا يعود ضرر منه قبل ذلك إلى المحسود ؛ بل يخص به لاغتمامه بسروره ، وتخصيصه ؛ لأنه العمدة في إضرار الإنسان ؛ بل الحيوان غيره ، ويجوز أن يراد بالغاسق ما يخلو عن النور ، وما يضاهيه كالقوى وبالنفاثات النباتات ، فإن قواها النباتية من حيث أنها تزيد في طولها وعرضها وعمقها كانت تنفث في العقد الثلاثة ، وبالحاسد الحيوان ، فإنه إنما يقصد غيره غالبا طمعا فيما عنده ، ولعل إفرادها من عالم الخلق ؛ لأنها الأسباب القريبة للمضرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد أنزلت علي سورتان ما أنزل مثلهما ، وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما " ، يعني المعوذتين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.