ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن علم الله - تعالى - الذى غيبه عن عباده ، وعن أقوال المشركين فى شأن البعث والحساب ، وعن توجيهات الله - تعالى - لنبيه فى الرد عليهم . . . فقال - تعالى - : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن . . . } .
ذكر بعض المفسرين أن كفار مكة سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة ، فنزل قوله - تعالى - : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السماوات والأرض الغيب إِلاَّ الله . . } .
والغيب : مصدر غاب يغيب ، وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب ، ومعناه : مالا تدركه الحواس ، ولا يعلم ببداهة العقل .
و " من " اسم موصول فى محل رفع على أنه فاعل " يعلم " و " الغيب " مفعوله فيكون المعنى : قل - أيها الرسول الكريم - لكل من سألك عن موعد قيام الساعة : لا يعلم أحد من المخلوقات الكائنة فى السموات والأرض ، الغيب إلا الله - تعالى - وحده ، فإنه هو الذى يعلمه .
ويجوز أن يكون لفظ " من " فى محل نصب علىالمفعولية و " الغيب " بدل منه ، ولفظ الجلالة " الله " فاعل " يعلم " فيكون المعنى : قل لا يعلم الأشياء التى تحدث فى السموات والأرض الغائبة عنا ، إلا الله - تعالى - .
قال القرطبى : وفى صحيح مسلم عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم يعلم ما فى غد ، فقد أعظم على الله الفرية " .
وقوله - سبحانه - : { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } تأكيد لانفراد الله - تعالى - بعلم الغيوب ، ولفظ " إيان " ظرف زمان متضمن معنى متى .
أى : وما يشعر هؤلاء الكافرون الذين سألوا عن وقت قيام الساعة ، ولا غيرهم ، متى يكون بعثهم من قبورهم للحساب ، إذ علم وقت قيام الساعة لا يعلمه إلى الله وحده .
فالجملة الكريمة تنفى عنهم العلم بموعد قيام الساعة فى أدق صورة وأخفاها ، فهم لا يشعرون ولا يحسون بقيام الساعة ، { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }
{ قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } لما بين اختصاصه تعالى بالقدرة التامة الفائقة العامة اتبعه ما هو كاللازم له ، وهو التفرد بعلم الغيب والاستثناء منقطع ، ورفع المستثنى على اللغة التميمية للدلالة على انه تعالى إن كان ممن في السماوات والأرض ففيها من يعلم الغيب مبالغة في نفيه عنهم ، أو متصل على أن المراد ممن في السماوات والأرض من تعلق علمه بها واطلع عليها اطلاع الحاضر فيها ، فإنه يعم الله تعالى وأولي العلم من خلقه وهو موصول أو موصوف . { وما يشعرون أيان يبعثون } متى ينشرون مركبة من " أي " " وآن " ، وقرئت بكسر الهمزة والضمير لمن وقيل للكفرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.