وحين بين اختصاصه بكمال القدرة أراد أن يبين اختصاصه بعلم الغيب . قال في الكشاف : هذا على لغة بني تميم يرفعون المستثنى المنقطع على البدل إذا كان المبدل منه مرفوعاً يقولون : ما في الدار أحد إلا حمار كأن أحداً لم يذكر كقوله :
وبلدة ليس بها أنيس *** إلا اليعافير وإلا العيس
والمعنى إن كان الله ممن في السموات والأرض فهم يعلمون الغيب كما أن معنى البيت إن كانت اليعافير أنيساً ففيها أنيس بتاً للقول بخلوها عن الأنيس . قلت : لقائل أن يقول : إن استثناء نقيض المقدم غير منتج فلا يلزم من استحالة كون الله سبحانه في كل مكان ممن في السموات والأرض أنهم لا يعلمون الغيب ، ولا من امتناع كون اليعافير أنيساً القطع بخلوّ البلدة عن الأنيس . وقال غيره : إن الاستثناء متصل لأن الله سبحانه في كل مكان بالعلم فيصح الرفع عند الحجازيين أيضا . وزيفه في الكشاف بأن كونه في السموات والأرض بالعلم مجاز ، وكون الخلق فيهن حقيقة من حيث حصول ذواتهم في تلك الأحياز ، ولا يصح أن يريد المتكلم بلفظ واحد حقيقة ومجازاً معاً . وأجيب بأنا نحمل كون الخلق فيهن على المعنى المجازي أيضاً لأنهم أيضاً عالمون بتلك الأماكن لا أقل من العلم الإجمالي . وضعفه في الكشاف بأن فيه إيهام تسوية بين الله وبين العبد في العلم وهو خروج عن الأدب . ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم : " بئس خطيب القوم أنت " لمن قال : ومن يعصهما فقد غوى . والحق أن وقوع اللفظ على الواجب وعلى الممكن بمعنى واحد لا بد أن يكون بالتشكيك إذ هو في الواجب أدل وأولى لا محالة ، فهذا الوهم مدفوع عند العاقل ولا يلزم منه سوء الأدب ، ولهذا جاز إطلاق العالم والرحيم والكريم ونحوهما على الواجب وعلى الممكن معاً من غير محذور شرعي ولا عقلي ، وليس هذا كالجمع بين الضميرين إذا كان يمكن للقائل أن يفرق بينهما فيزداد الكلام جزالة وفخامة . عن عائشة : من زعم أنه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية والله تعالى يقول { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } وعن بعضهم : أخفى غيبه عن الخلق ولم يطلع عليه أحداً لئلا يأمن الخلق مكره . قال المفسرون : سأل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة فنزلت . وأيان بمعنى متى . إلا أنه لا يسأل به إلا عن أمر ذي بال وهو " فعال " من أن يئين فلو سمي به لانصرف ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.