الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ} (65)

{ قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ } نزلت في المشركين حيث سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة .

قال الفرّاء : وإنّما رفع ما بعد { إِلاَّ } لأنّ قبلها جحداً كما يقال : ما ذهب أحد إلاّ أبوك { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ } متى { يُبْعَثُونَ } قالت عائشة : مَن زعم أنّه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله عزّ وجل يقول : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ } .

أخبرنا أبو زكريا الحري قال : أخبرنا أبو حامد الأعمشي قال : حدّثنا علي بن حشرم قال : حدّثنا الفضل بن موسى ، عن رجل قد سمّاه قال : كان عند الحجّاج بن يوسف منجّم ، فأخذ الحجّاج حصيّات بيده قد عرف عددها فقال للمنجّم : كم في يدي ؟ فحسب ، فأصاب المنجّم ، ثمّ اعتقله الحجّاج فأخذ حصيات لم يعددهنّ ، فقال للمنجّم : كم في يدي ؟ فحسب ، فحسب ، فأخطأ ثمّ حسب أيضاً ، فأخطأ ، فقال : أيّها الأمير أظنّك لا تعرف عددها في يدك .

قال : فما الفرق بينهما ؟ قال : إنّ ذاك أحصيته فخرج من حدّ الغيب ، فحسبت فأصبت ، وإنّ هذا لم تعرف عددها ، فصار غيباً ، ولا يعلم الغيب إلاّ الله عزّ وجل .